رياض الزهراء العدد 156 لنرتقي سلم الكمال
مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيرِ نَفْسٍ
قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)/(المائدة، الآية 32)، تشير الآية إلى حقيقة اجتماعية تربويّة مهمّة، وهي أنّ قتل أيّ إنسان إن لم يكن قصاصاً لقتل إنسان آخر أو لفساد في الأرض فهو بمثابة قتل الجنس البشري بأجمعه، مثلما أنّ إنقاذ أيّ إنسان من الموت يُعدّ بمثابة إنقاذ الإنسانية كلّها من الفناء. فكان الرسول(صل الله عليه وآله وسلم) في أشدّ الأحوال يوصي بحفظ الأنفس البريئة، وحقن الدماء المحرّمة، وهو الذي أُرسل رحمةً للعالمين حتى أسّس حضارة الإنسان والإيمان، حضارةً تحفظ الحياة ويأمن فيها الناس. إنّ حرمة دم الإنسان في الإسلام لا تختصّ بالمسلمين فقط، بل تشمل غير المسلمين أيضاً من الذين يعيشون مع المسلمين عيشة مسالمة. فإذا تسلّط الأشرار على الأنفس والأعراض والأموال، وهُتكت الحُرمات والمقدّسات، وعمّ فساد الأخلاق، وضعفت العلاقات الاجتماعية، وتفكّك كيان الأسرة التي هي نقطة البدء في إصلاح الجيل الناشئ حينئذٍ سيفقد المجتمع الأمان والطمأنينة؛ ولا ننسى إنّ أوّل دم أريق كان بسبب الحسد الذي دفع قابيل إلى قتل أخيه هابيل، وهكذا تعود أكثر الحوادث الأليمة إلى الحسد؛ فأغلب الناس لقلّة العلم وضعف الإيمان وعدم الثقة بالنفس ما إن يرى بعض النجاحات التي يحققها أقرانه حتى تشتعل في قلبه فتائل الحسد فلا يهتمّ سوى في كيفية تحطيم المقابل، وهذا ما نراه اليوم من أعمال العنف والقتل بأبشع صوره. والقتل مذموم عند جميع الناس عقلاً وفي كلّ الشرائع والأديان والقوانين، من هنا جعل الإسلام للقتل بغير الحقّ أكبر العقوبات ردعاً، ألا وهي عقوبة القصاص مثلما جاء في القرآن الكريم، قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)/(البقرة، الآية 179)، ورُوي عن رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم): "لَزوال الدنيا أيسر على الله من قتل المؤمن"(1)، فالواجب على كلّ مسلم أن يتّقي الله تعالى ولا يرتكب ما حرّم الله، فلا يدعو إلى القتل ولا يحرّض عليه، فالله هو الواحد المتفرّد بخلق الطبيعة البشرية والعالم بسرّها وبما يصلحها ويقودها إلى الكمال والتألّق. .......................................... 1- بحار الأنوار: ج101، ص 382. أجوبة موضوع (بِلسانٍ عَربيٍّ مُبِينٍ): ج1/ الأنبياء هم: هود، صالح، شُعيب، إسماعيل، ومحمّد(صل الله عليه وآله وسلم). ج2/ لا خلاف في أنّ القرآن نزل بأبلغ لسان وأفصحه، وبلهجة قريش أكثر العرب إصالة وأدباً، ومُلِئ بأبلغ التشبيهات وأروعها. ج3/ كلّ الآراء مقبولة. الأسئلة: س1/ اذكري آية قرآنيّة تبيّن أربع عقوبات أخروية لمَن قتل مؤمناً عمداً؟ س2/ رُوي عن الإمام الرضا(عليه السلام): "لو أنّ رجلاً قُتِلَ بالمشرق فرَضِي بقتله رجلٌ بالمغرب لكان..."، أكملي الحديث.