رياض الزهراء العدد 156 لحياة أفضل
كُوني قِطْعَةَ سُكَّرٍ فِي لَحْظَاتِهِ المُرّةِ
تشتكي بعض النساء من سوء معاملة أزواجهنّ وجفائهم وإهمالهم لهنّ، وهنالك عبارة متداولة بين النساء "الرجل قبل الزواج ليس نفسه بعد الزواج". فالرجل قبل الزواج وتحديداً في أثناء مدّة الخطوبة يكون تعامله مع خطيبته مختلفاً تماماً عمّا بعد الزواج، فيكون محبّاً لها وشغوفاً للقائها، ومتلهفاً للحديث معها، تعيش الفتاة وكأنّها أميرة في هذه المرحلة، ينسى خطيبها كلّ شيء ليتذكّرها هي، فهو يكره ما تكرهه ويحبّ ما تحبّه، يتذكّر مناسباتها قبل أن تتذكّر هي، ويحتفل معها بكلّ مناسبة ويبادر قبل أن تبادر و... ثمّ بعد الزواج تكون المفاجأة!! حيث تتفاجأ بعض النساء أو أغلبهنّ بشخصية مختلفة، فبعد مرور مدّة من الزواج يختفي هذا الجوّ المليء بالحبّ والرومانسية وتدخل الحياة والمعاملة الجدّية ويهبّ جليد الزواج ليذيب جمرة الخطوبة بكلّ هدوء وعذوبة شيئاً فشيئاً تتلاشى جميع تلك المشاعر وتغيب على ما تظنّه بعض النساء، فأغلبهن يحسبن أنّ شعلة الحبّ انطفأت، وشرارة اللهفة قد خرجتْ من الشبّاك بمجرد دخولهما من باب عشّ الزوجية. هذا الأمر غير صحيح؛ فليس معنى أنّ زوجكِ لم يتصرّف بتصرّفات أيام الخطوبة نفسها أنّه قد انحسر بحبّه ولم يعد يحبّكِ، فمن الطبيعي أنّ كلّ البدايات تكون شغوفة وجميلة ولها طعم مختلف، أنتِ مثلاً عندما تلتحقين بوظيفة جديدة تذهبين في الأيام الأولى بكلّ حماس وحيويّة مفرطة، وإشراقة جميلة على وجهكِ وبمرور الأيام تذهب هذه الإشراقة وتختفي، ليس لأنّكِ كرهتِ هذه الوظيفة، بل على العكس أنتِ تعوّدتِ على وجودها في حياتكِ، وأصبحتْ من عاداتكِ اليومية المهمة هو الذهاب إلى وظيفتكِ وبدونها ستشعرين بفراغ كبير. أيضاً علاقتكِ مع زوجكِ بعد الزواج تصل إلى أكبر مرحلة في الحبّ وأعظمها وهي مرحلة التعويد، ستكونين الشخص الأساسي الذي لا يستغني عنه في حياته، وتصبحين الركن المهمّ الذي اعتاد وجوده إلى جانبه وبدونه سيكون غير متّزن ويشعر بنقص كبير في حياته. هنا أنتِ مَن سيخطّ أهمية وجودك، إمّا أن يكون وجوداً مؤثّراً وله طاقة إيجابية وتجذبيه نحوك مثلما انجذب نيوتن إلى تفاحته المشهورة واكتشف قوانين الجاذبية بسببها فتكونين قطعة السكّر لقهوته السادة، أو من الممكن أن تزيدي اتِّساع الفجوة العاطفية بينكما فينفر منك، وبدلاً من أن تكوني الملجأ والحضن الدافئ الذي يشعر بالأمان فيه ستكونين الإعصار المترب الذي يُغلق كلّ أبوابه وشبابيكه للفرار منه. اجعلي ثقتك بنفسكِ لا تتزعزع لمجرّد كلمات غير مقصودة منه، أو لتصرّف ارتكبه بحقّك من غير عمد أو لأنّه كان متعباً، اجعلي في مخيّلتكِ حبّه لكِ فأنتِ له برّ الأمان وبدلاً من أن تشتكي من سوء معاملته وتثيري جدالاً لا جدوى منه وتشتكي لأهلكِ أو صديقاتكِ سوء معاملته لكِ فكّري لبرهة بجدوى هذه المشكلة وانعكاساتها عليكِ واسألي نفسكِ هل سيتغيّر طبعه عند فعل ذلك؟ هل سيتحسّن طبعه عندما يتدخل أحد لحلّ مشاكلكم؟ الجواب بالتأكيد لا، وستكون نقطة سوداء في مسيرة حياتكما، فكوني النقطة البيضاء في حياته وعالجي أسلوبه الجافّ بابتسامة وكلمة طيّبة، امتصّي غضبه وتعبه وكوني ذكية في تعاملكِ معه. كوني النسمة التي تزيّن حياته وسيكون لكِ السند والزوج والأخ والقوة، لن تخسري شيئاً عندما تتحملين سوء أخلاق زوجكِ عند عودته من عمله؛ بل على العكس ستكونين قطعة سكّر لزوجك وبيتك، وستنعمين براحة كبيرة في دنياكِ وآخرتكِ.