بِلَا مَلَامِحَ

نور الزهراء الربيعي/ مدرسة نازك الملائكة للمتميزات
عدد المشاهدات : 195

بعد أن أطبقت الشمس أجفانها، خرجتُ من غرفتي المظلمة إلى عالم مُظلم، أعيش فيه بعزلة، فأنا مجرّد ظلّ!! ودّعتُ شخصي في حروبي!! أنا بلا ملامح، لا أستطيع التعبير عن مشاعري، لا أستطيع الصراخ، لا أحد يسمعني، حتى صورتي تلاشتْ بمرور الأيام، ونسجت العنكبوت بيتها على أحلامي، أتجوّل في تلك الشوارع بعيدًا عن أنظار الجميع، موجّهًا نظري نحو الأرض، لا أعلم أين ستقودني قدماي!! كانت هناك معركة بين الأفكار تدور في رأسي، قد تُمحى منها الذكريات لكن آثارها تبقى، كنتُ أحاول الصراخ من شدّة الألم، لكن ما من جدوى، فجأة هبّت نسمة باردة داعبتْ أهدابي، انتبهتُ من غفلتي وتوجّهتُ بنظري نحو الأفق، ووجدتُ نفسي في حقل من أشجار الخوخ المزهرة التي تتخلّلها أشجار الكرز على مرتفع بالقرب من ساقية في وقت السحر، أخذتُ نفسًا عميقًا وتجاهلتُ كلّ شيء، وجلستُ أحدّق بالنجوم، قلتُ في نفسي: إنّ هذا العالم كبير جدًا، فلماذا نشغل أنفسنا ونُراكِم أحزاننا. لا تنتظر السعادة حتى تأتيك، فأنتَ الوحيد القادر على خَلْقها!! لا تحاول الهروب من العالم لمجرّد شعورك بالحزن، اِسمحْ لنفسكَ بتجربة كلّ شيء جميل أو حزين، فكيف سيكون طعم الحياة إن لم تواجه المصاعب فيها؟؟ وعند شروق الشمس سمحتُ لخيوطها بالانعكاس في عينيّ، لأول مرّة منذ زمن طويل عاد إليّ ذلك الشغف بأن أحيا من جديد، و بدأتْ ملامحي تعود إليّ، رأيتُ نفسي أبتسم وأنا أشعر بالدفء داخل قلبي.. عندها اكتشفتُ الخطأ!!! لقد كنتُ مذنبًا بحقّ نفسي؛ لأنّي كنت أحاول رؤية صورتي في مرآة مكسورة!! كان الخلل بما يدور حولي، نظرتُ إلى نفسي وإلى العالم بحبّ، أبتسم اليوم وأبتسم غدًا فالحياة تمضي، وُلِدتُ من جديد. أيّها المقاتل في ربوع وطن حفر اسمك بين طيّات أزمنته المتعاقبة، وسأبتسم كابتسامتك في الحياة قُدُماً.