رياض الزهراء العدد 156 واحة البراءة
سَنَـــــــامُ الجَمَلِ
رحّبت حيوانات القرية بقدوم الجمل بعد أن قضى وقتًا مع أهله في الصحراء، قال الجمل للحمار: مرحباً بكَ يا صديقي، كيف حالكَ؟ أجابه الحمار: بخير، فأنا أقضي وقتي في التنقّل بين الحقول، واليوم جاء دور نقل أكياس القمح الثقيلة، وأريد أن أسرع في الذهاب حتى أتخلّص من ثقلها، فإنّها متعبة كثيراً، وأنتَ كيف قضيتَ وقتكَ في الصحراء يا صديقي؟ قال الجمل: زِرتُ أقاربي، وأخذت كفايتي من الطعام الذي أحتاجه. قال الجمل وهو يشعر بالشفقة على الحمار: ما رأيك في أن أساعدكَ؟ هيا أعطني إحدى هذه الأكياس حتى أضعها على ظهري؟ تبسّم الحمار وقال: شكراً لمساعدتك لي؛ لكن كيف لك أن تساعدني وأنتَ تحمل هذا السنام على ظهرك، ما الفائدة منه؟ كان الجمل يفكّر كيف يجيب صديقه الحمار، فجأة خطرت فكرة في باله وتظاهر بالضحك، ثمّ قال: سأذهب غداً إلى القرية التي تريد إيصال أكياس القمح إليها، فهل ترافقني؟ وهناك ستعرف ما فائدة السنام. اتّفق الصديقان على أن يلتقيا في المكان نفسه، وفي صباح اليوم التالي التقيا، فقال الجمل لصديقه: هل أنتَ مستعدّ للسفر يا صديقي؟؟ قال الحمار: بالتأكيد يا صديقي، فقد أحضرتُ معي طعام الغداء. قال الجمل: إذن هيّا بنا حتى نصل إلى القرية قبل الغروب. انطلق الصديقان، وبعد قليل سأل الحمار صديقه: أخبرني يا صديقي ما فائدة سنامك هذا؟ حان وقت الظهيرة ووصلا إلى الصحراء حيث لا عشب ولا ماء، فشعر الحمار بالجوع، فبدأ يأكل العشب الذي أحضره معه، وأمّا الجمل فلم يشعر بالجوع أو العطش، وأحسّ الصديقان بالتعب فجلسا طلبًا للراحة، ثم أكملا مسيرهما، وبعد مدة شعر الحمار بالجوع من جديد، ولكن ما العمل بعد أن نفد العشب؟ ولا يوجد شيء يؤكل في هذه الصحراء القاحلة، أمّا الجمل فلم يكن يشعر بالجوع. لم يَعُد الحمار قادراً على التحمّل فسقط على الأرض، وكاد أن يموت من شدة الجوع، فأسرع نحوه الجمل قائلاً: انهض يا صديقي، لم يبقَ سوى القليل لنصل إلى القرية. أجابه الحمار: لم أَعُد أقوى على المسير، فلقد خارت قِواي. سارع الجمل بالذهاب إلى القرية، وأحضر لصديقه قليلاً من العشب، فأكل الحمار العشب حتى شبع، وتابعا المسير باتجاه القرية، فالتفت الحمار إلى صديقه وسأله مستغرباً: كيف قطعت هذه المسافة كلّها ولم تأكل أو تشرب شيئاً! فقال الجمل: من السنام الذي على ظهري، فهو المكان الذي أخزّن فيه الطعام والماء، فمثلما تعلم يا صديقي أنّ موطني الأصلي هو الصحراء، وقد تخلو الصحراء من الماء والكلأ، فخلق الله عزوجل لي السنام حتى لا أموت من الجوع والعطش، فهو يمدّني بالطاقة. دُهِش الحمار من كلام صديقه، واعتذر عمّا بدر منه، فعرف أهمية السنام، وبعد دقائق قليلة وصلا القرية وتخلّص الحمار من أكياس القمح الثقيلة.