رياض الزهراء العدد 156 من على نهر العلقمي
وَأَنا أَيضًا بفقدِكَ يَتِيمٌ..
الأرضُ مِنْ وَقْعِ النَّوى سَوداءُ، وتهيأَتْ لِوَداعِكَ الأرجاءُ.. وأنا دُعاءُ كميل مَوجوعٌ فقدْ، رَحَلَتْ حقيقةُ تِبريَ الغرَّاءُ.. قُلتَ امكُثوا قد آنَسَتْ روحي ندىً مِنْ رَحمةٍ سَجدتْ لها الأشياءُ.. فأنا إلى الوادِ المقدَّسِ سائرٌ، والروحُ مِنْ فرطِ الهوى غَنَّاءُ.. يا نورُ يا قُدُّوسُ إنِّي قادِمٌ، وبُراقُ معراجي تُقًى وَرجاءُ.. وحمَلتَ للميقاتِ نَفْسًا كالسَّنا، وإلى السماءِ فؤادُكُمْ مَشَّاءُ.. أوقاتُ عُمْرِكَ كُلُّها مَعمورةٌ بالذكر للباري فذاك شِفاءُ، ونَصَبْتَ وَجهَكَ للإلهِ مُسَلِّمًا.. وَمَددتَ كَفًّا يرتجيها الماءُ، أذَّنتَ في بُعدِ الترابِ فأينَعَتْ.. مِنْ نشوةٍ أزهارُهُ البيضاءُ.. وأنا دعاءُ كُمَيْلٍ الريانِ في محرابِ عِشقِكَ غَيمةٌ مِعطاءُ، صَلَّيتَ والقلبُ المُتَيَّمُ شاخِصٌ للهِ منهُ تَنْبُتُ الأضواءُ.. في عُمقِ سَجْدَتِكَ الأَخيرةِ أشرَقَ القُرآنُ لَمَّا رَتَّلَتْهُ الدِماءُ، وشَعَرْتُ بالمعنى الجَليِّ لأحرُفي ينسابُ كي تحيا بِهِ الظَّلْماءُ.. قَسَمًا بطُهْركَ يا أميري إنني أشْدُوكَ حُبًّا دُونَهُ العلياءُ، والضوءُ يسكُنُني بدفءٍ كُلَّما يَلتفُّ حولي طيفُكَ اللَّأْلاءُ.. مَنْ لي - أيا روحي وكُلَّ مَحاسني – شَوْقي لِصَوْتكَ جارِفٌ وَضَّاءُ.. قد "فُزْتَ" والجنَّاتُ تَفْرِشُ شَوقَها والمصطفى يلقاكَ والزهراءُ.. ولليلة القدر في المصيبة حديث.. أشتاقُ للأنوارِ في الوجدانِ، لمَّا تُشَعْشِعُ في مَداكَ الحاني.. وَأَهِيمُ في ذِكراكَ يا مولايَ يا، حُبِّي عليٌّ يا نُضارَ كِياني.. قد غابَ صوتُكَ في مَساماتي إذا، فَرَشَتْ صَلاتُكَ جَنَّةَ الرَّيحانِ.. إنْ أَنْسَ لا أنسى دُعاءَك يحتوي، أوقاتِيَ اللَّهفَى بِعِطرِ أمانِ.. إنِّي لَأَشْهَدُ هِجرَةً نَحوَ السَّما، في خَطْوِكَ الفَيَّاضِ بِالعِرفانِ.. تُزْجِي حَنانَ اللهِ للأَيتام والبُؤَساءِ تُطْعمُهُمْ جَنَاكَ الدَّاني، وتَخُطُّ وَصْلَ العاشقينَ برَوْضَتي.. وَتُرَتِّلُ القُرآنَ في أحضاني، قد كُنتَ كَرَّارًا بِساحات الوغَى.. وتَرُشُّ في المحرابِ غيثَ جُمانِ، ما زِلتُ أذكرُ إصبعًا من كَوثرٍ.. غَزَلَتْ بِنا التَّوحيدَ لِلرَّحمَنِ، قُمْ يا حبيبَ الرُّوحِ أذِّن شائقًا.. فالعشقُ في جَنَباتِكُمْ أَحياني.. والعاشقونَ على المَدى يَرجُونَكُمْ.. أرواحُهُمْ تَأْتَمُّ بِالقُرآنِ، قد ذابَ كُنْهُ وُجودِهم في نورِكُمْ.. أنتُمْ مَعينُ الفَيضِ للأكوانِ، أمُعَلِّمَ الأرواحِ فَاجعَلْ عِشقَهُمْ.. يَسمُو تُرابِيًّا على الأَحزانِ، أنت الوجودُ وليلةُ القدرِ التي.. شَعَّتْ حَنانًا مَارَ في الوجدانِ، ما قِيمَتي مِنْ دُونِ بَصْمَتِكَ التي.. تَرَكَتْ وُرودَ الحُبِّ و الإحسانِ؟ أنت الوِدادُ وكلُّ حُبٍّ قد جَرى.. بِنَجيعِنا يا سُورةَ الإِنسانِ، في كُلِّ عامٍ أرتجيكَ فترتقي.. دربَ العُروجِ بِقَلبِكَ الرَّيَّانِ، في كُلِّ عامٍ أَحتوي حُزنَ المَدى.. وأنينَ زينبَ والحسينِ الحاني، والمُجتبى عبراتُهُ ما أُخْمِدَتْ.. لَكَ في الحَشا جَمرٌ من النيرانِ، يا أيها النبأُ العظيمُ بِضَربةِ المحراب خرَّت جَذْوَةُ الإِيمانِ.. والبَسملاتُ هَوَتْ تُعانقُ زَهْرَكُمْ، لمَّا تَناثَرَ إذْ تَجارَى القاني.. فَوَ رَبِّ كَعبةِ عِشقِكَ النَّوراءِ، يا مولايَ "فُزْتَ" بِجَنَّةِ الرِّضْوانِ..