رياض الزهراء العدد 156 ألم الجراح
ما السرُّ فيكِ؟
في ألم الجراح رغم شدّة الألم نبحث بين الأوراق عن تاريخ مضى في ذكريات وطني ذكريات كانت بذوراً لبداية الحلم تبزغ البذور شاقة ظلمة الوحل لترسم الأمل لزهرة بيضاء تُزيل الكدر عن قلوب مُحبّة راحت تنفض عنها غبار تراكمات الزمن نبحث في تاريخ يلمع بين الظلام يُزيح العتمة عن ظلّ تناثر فوق أشواك نبحث عن الأُنس والطمأنينة وما أَطْعمنا شعوراً بالأُنس سوى وجود تلك المقدّسات للطاهرين سامراءُ، يا مدينةَ الثأر صباحكِ اليوم يختلف عن صباحات مضتْ نتقاسم أول شعاعٍ للشمس أشرقَ بالنور والهمس فبريق فجركِ مكسوّ بكبرياء لا يلين والخوف صار من الأمس نسمات شهر المغفرة عطّرت فناءك بعبق الجليل فأطلق ربيعكِ بين أيدينا في مواسم الرحمة لتعرج مناجاتنا تحت قبتك الذهبية مع عروج ملائكة الجِنان فتغازل تغاريد مآذنك مسمعنا بتراتيل القرآن وتشرب عيون الصائمين من نوافذ نقائك كأساً من زُلال شِفاه مُتشقّقة تتلقّف الدفء من تقبيل ضريحكِ المقدّس وترانيم العِباد تُزغرد بين الشقوق تهتف بكِ: (لبيكِ سامراءُ) جاذبيتكِ لا يفهم قانونها إلّا الراسخون في العلم سامراءُ أيّتها الحاضرة في القلوب والأذهان مساؤكِ لا يختلف عن فجركِ المبارك فبين همسات المصلّين في ليالي القدر ودعوات الحنين ما زلنا نراكِ بعد الغروب تضيئين شموع الأمنيات فنعلِّق كلّ أمانينا على أبوابكِ لنصل إلى إله السماء لأنّك علّمتِنا أن لا ننحني، إلّا للهِ وحده معكِ نتهجّد ونتعبّد، أنتِ مَن قلتِ لا للظلم أنتِ من طردتِ الظلام و أنرتِ الكون عزّاً لأنّكِ أنتِ مَن قلتِ للغيوم المثقلات بالخضوع والخنوع لتنجلِ ولتتبدّد وتحيا عاطفة التراب الطاهر أخبرينا بالله عليكِ عن سرّكِ الدفين لِمَ أنتِ لا تُقهرين؟ أهو عناد؟ أم خُلقتْ أرضكِ من غير طين؟ هل كلّ أرض تستقبل الغيث بهذا الفرح؟ أم أنّكِ فقتِ المانحين عطفاً فزدتِ علينا مِنحكِ حبّكِ يا سامراءُ يداوينا فأحببنا ماضيكِ الأليم بمرّهِ فنحن قديماً غسلنا وجه الحاضر لن يحزن ولن يهون مَن تربى على أرضكِ وعَشقِها بجنون من اكتسى ثوب الكرامة وكان تاجُه مجداً وعزّة وحمل كفناً وعلماً لن يحزن ولن يموت مَن كانت أمّه أرضاً طاهرةً وحضنُها مدرسةً ودارَ عبادةٍ ونهجُها نصراً أو شهادةً لن يُنسى مَن كانت عِشقهُ سامراء