رياض الزهراء العدد 157 نافذة على المجتمع
نَعْمَلُ لِنُنْجِزَ ثُمَّ نَرتَقِي
عالمية الإدارة تتمثّل في أهميتها وضرورة وجودها في جميع المنظمات مهما كان حجمها أو نوعها، وكذا في جميع المستويات الإدارية والوظائف التنظيمية، إذ استندت ادارة العتبة العبّاسية المقدّسة إلى نُظُم إدارية حداثوية مواكبة لأهمّ الأحداث ومتكيفة مع أهم المتغيّرات الطارئة والاحتياجات المستحدثة، وعمدت إلى إدخال النظم المعلوماتية الحديثة في الإدارية المستخدمة فيها (كالنظم الرقميّة، والمكتبات الرقميّة، وتنمية الموارد البشريّة) لتعود على المنتسب بتخفيف الأعباء الإدارية والمالية خاصّة وأنّ الإدارة الناجحة سبب تقدّم الأمم والمؤسسات والشركات. واتخذت بذلك من مخططات التوسعة العمودية والأفقية أساساً للخطة الموضوعة، ورصدت الفئات التي سيتمّ استثمار قدراتها في ذلك المخطّط، فقد عمدت إلى الإلتفات إلى الطاقات النسويّة بوصفها رافداً ومنهلاً يمكن الاعتماد عليه في بعض الفقرات التي من شأنها تتميم مقوّمات العمليّة الإداريّة التي بها يمكن الوصول إلى العالميّة ومواكبتها، بل تعدّت الطموحات إلى محاولة الإضافة إلى تلك النظم مستفيدة بذلك من توجيهات السيّد الجليل والمتوّلي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه). وفي مضمار التطبيقات العملية التي تثبت ما ذكر (ولاسيما فقرة إدخال الطاقات النسويّة في ضمن الخطّة العمليّة الموضوعة) قد وصلت إلى مصاف العالميّة في النظم الإدارية التي تستخدمها في عملها وبعد البحث والتقصّي الذي أجرته رياض الزهراء وجدت أنّ نظم العتبة المقدّسة ما هي إلّا شريك أساس في تحقيق أهداف التنمية المستدامة* وهذه العملية تتحقّق بتلبية تلك الأهداف التي جاءت بها البالغة سبعة عشر هدفاً، ونلاحظ أنّ هناك عدّة نقاط تمثّل الأهداف التي يمكن تحقيقها عن طريق المرأة بصورة خاصّة بإمكاناتها وقدراتها. وفي إطار التوسعة الأفقية نجد أنّ العتبة المقدّسة قد وفّرت عدداً من فرص العمل للفئات النسويّة وفي مختلف المجالات: الثقافيّة والعلميّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة حتى الأمنيّة منها؛ لتبلغ ما يقارب المئات من فرص العمل للنساء آخذين بنظر الاعتبار ضوابط وأصوليات في التعيين تعتمد بالدرجة الأولى على المعلومات الخاصّة بالمنتسبة كالجوانب العلميّة والأخلاقيّة وغيرها للتشرّف بالخدمة. إنّ هذا الكمّ من فرص العمل النسويّ الذي هو في تزايد مستمرّ كان الانطلاقة الأولى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ألا وهو القضاء على الفقر؛ ومن ثمّ لن نرى هناك جوعاً، وكان لابدّ من تعزيز هذه الانطلاقة لتكون نافذة لتحقيق الأهداف الأخرى؛ فاتّخذت العتبة المقدّسة من عملية تنمية المهارات وتطويرها ركيزة أساسية لننتقل بعدها الى فتح التخصّصات التي تضمن نشوء حالة من الفكر والإبداع لدى منتسبات العتبة المقدّسة. تتنوّع مجالات العمل التي يستطيع أن يعمل بها الفرد، مثل التجارة الصناعة الطب وغيرها ومن أساسيات العمل أن يكون العمل شريفاً، ومن الأعمال التي شرّعها الله سبحانه وتعالى ومناسباً للشخص، والغرض من العمل هو الرزق الحلال، فما بال مَن يعمل في رحاب المولى أبي الفضل العباس، لذا كانت هناك محطات في كلّ سنه للتوسعة وفتح آفاق جديدة، منها: -في سنة 2003، فتح باب التعيين لمَن نلنَ شرف تسميتهنّ بالزينبيّات: وهي شعبة تضمّ ثلة من الخادمات المؤمنات اللاتي يُشرفن على تهيئة الأجواء المناسبة للزائرة الكريمة كالحفاظ على أمنها وسلامتها، وضمان انسيابية حركة زيارتها في أثناء تأدية مراسيم الزيارة. -في سنة 2005، قامت العتبة بفتح شعبة التوجيه الدينيّ النسويّ: وهي شعبة نسويّة يتركز جلّ اهتمامها في الإجابة عن الاستفسارات والأسئلة الدينيّة التي تسألها الزائرة الكريمة. وهنّ أحياناً يمثلنَ موسوعة متنقلة من الدروس الدينية التي تتضمن الإجابة عن المسائل الشرعية إضافةً إلى التوعية في مجال الثقافة القرآنية. -في سنة 2006، افتتحت العتبة المكتبة النسويّة: لاحتضان المثقفات وطالبات العلم، فهي المؤشر الثقافي للدولة، وبرزت فيها وحدات من أهمها وحدة مجلة رياض الزهراء وهي مجلة شهرية دينية ثقافية موجهة للمرأة المسلمة، تحت رعاية العتبة العباسية المقدسة، الغاية منها الارتقاء بمستوى المرأة الثقافي والديني افتتحت سنة 2007/7/7. -في سنة 2008، افتتحت العتبة إذاعة الكفيل النسويّة: صوت المرأة المسلمة، وأوّل إذاعة تختصّ بشؤون المرأة والطفل والأسرة، وتدار بواسطة ملاك نسويّ متعدد المهارات، ومن أجل توسيع رقعة التواصل مع أكبر عدد من الشرائح النسوية المثقفة ولخصوصية مدينة النجف الأشرف بما تضم من طبقات مثقفة تم افتتاح مكتب النجف الأشرف في يوم 28 من شهر شباط لعام 2012م، ويضم المكتب وحدات مشابهة لوحدات الإذاعة في محافظة كربلاء، وبجهود ملاك في مكتب النجف الأشرف. -في سنة 2009، تم افتتاح معهد الكفيل لذوي الاحتياجات الخاصّة: لرعاية هذه الفئة مجّاناً، وخصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصّة من الأطفال الذين يُعانون إضافةً إلى عوقهم من الإهمال أو التجاهل؛ ممّا حدا بالأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة أن تأخذ على عاتقها تولّي مَهمّة تربية هؤلاء الأطفال وتعليمهم وتنشئتهم على الأسس التربويّة والاجتماعيّة والدينيّة الصحيحة. -في سنة 2010، افتتحت العتبة مركز العفاف النسويّ للتسوّق: وهو مركز تجاريّ ضخم متخصّص هدفه الحفاظ على قدسية المرأة، وتجد فيه الأسرة كلّ ما تحتاجه، ويُدار من قِبل ملاكات نسويّة ماهرة في التعاملات الاقتصادية. - في سنة 2012، افتتحت العتبة معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف: وهو مؤسسة قرآنية بحتة تُعنى بالجانب النسوي والشخصية القرآنية، والمعهد يستقبل المؤمنات من كلّ الأعمار، ويتكوّن من عدّة وحدات، ولديه فروع متعددة في محافظات العراق. - في سنة 2013، افتتحت العتبة مجموعة مدارس العميد للبنين والبنات: وهي مؤسسة تعليمية متكاملة تمتاز بجودة الأداء والمطابقة لمواصفات الجودة العالمية إيزو 9000. -في سنة 2015، افتتحت العتبة المقدّسة مركز الصدّيقة الطاهرة: وهو أحد المعالم والصروح التي تُضاف إلى سلسلة المشاريع التخصّصية الكبيرة المنجزة والتابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة، فهو الأول من نوعه في العراق، ويعدّ حاضناً أساسياً لجميع الأنشطة النسويّة المُقامة خارج العتبة، ويقدّم عادةً الدعم اللوجستي لتلك الأنشطة. - وفي سنة 2015، أفتتحت شعبة مدارس الكفيل الدينيّة وتتميّز هذه المدارس بأنها تدرس الفقه والعقائد والأمور العامة التي تعود بالنفع على الدارسات وقد وفرت المدارس الأرضية المناسبة للدراسة من أماكن ووسائل نقل للطالبات، ولاقت هذه المدارس إقبالاً كبيراً نظراً لجديتها في التدريس والتوعية الدينية والثقافية. - في سنة 2018، افتتحت العتبة مركز الثقافة الأسري: وهو من المراكز التي رعتها العتبة المقدّسة ويهتم بشؤون الأسرة والطفل، ويعمد إلى حلّ المشكلات الأسرية بواسطة حلول علميّة وأخلاقية مدروسة وناجعة، ويرد على المركز الكثير من الحالات التي دائماً ما تخرج بمخرجات جيّدة عند الانتهاء من معالجتها. وكانت عملية فتح التخصّصات العلمية مدعاة إلى أن تهتمّ العتبة بتنمية المهارات وتطويرها لدى منتسباتها والعاملات هناك لضمان أداء العمل وفق الغاية التي وُجد لأجلها؛ فقد تمّ تأمين عدد من الدورات التدريبة والتطويرية مثل الدورات التي قدّمت لمنتسبات شعبة المكتبة النسويّة ومنها: دورة اللغة الفارسية، واللغة الإنكليزية، دورات الحاسبات، ودورات في الإعلام، ودورات في التنمية البشرية، وعلى مستوى العتبة العبّاسية المقدّسة كان هناك عدد ليس بالقليل من الدورات التطويريّة لكلّ الشُعب والمراكز النسويّة. وكان من الطبيعي أن يرافق هذه التوسعة تطوّر في الأنشطة النسويّة المدعومة من قِبل العتبة المقدّسة كإقامة المهرجانات، والمخيّمات الصيفيّة التعليميّة، والدورات التنموية والتطويريّة وغيرها. إنّ هذا الدعم اللامتناهي للموارد البشرية لاسيّما النساء أنتج ثلّة من الطيبات اللاتي امتزنَ بجودة ما يقدّمن خدمةً للراعي الرسمي لهذه المنظومة المتكاملة سيّدنا ومولانا أبي الفضل العبّاس فقد برزنَ في الجانب الاعلاميّ، والجانب الثقافيّ والخدميّ والتنموي فضلاً عن الجانب الدينيّ عن طريق مشاركاتهنّ التي وصلت اليوم إلى العالميّة، فقد شهدت الشُعَب النسويّة المختلفة التابعة للعتبة المقدّسة مشاركة أغلب ملاكاتها وفوزهنَّ في المسابقات والفعّاليات المحلية والإقليمية حتى الدوليّة منها، وما عاد ذلك غريباً على من وضعنَ أرواحهنّ على كفّي القمر, وهاتان الكفّان تعهدتا بعطائهما لمولاتنا الزهراء. في هذا الصدد التقت رياض الزهراء بمجموعة من الأخوات اللواتي أخذن على عاتقهنَّ تقديم كلّ ما من شأنه رفع مستوى المرأة على كافة الصُعد؛ إذ كان لكلّ منهنّ بصمة في مجال عملها. نبدأ من شعبة المكتبة النسويّة مع السيّدة مدينة محمد أكبر -منتسبة في وحدة الإعارة- ذات 64 سنة التي قضت ما يقارب 13 عاماً في خدمة المولى أبي الفضل العبّاس فعبّرت عن هذه السنوات قائلةً: عملنا في رحاب الكفيل كان تحت مسمّى الخدمة، فلم يكن هدفنا مادياً بل جلّ اهتمامنا هو أن تُتقبل خدمتنا، وعملنا لا يشوبه الملل ولا الضجر؛ لأنّنا على يقين بأنّ شرف الخدمة وثوابها لا يعوّض، وكلّ هذه السنوات زادتنا خبرة إلى خبراتنا وطوّرت من مهاراتنا وقدراتنا؛ لأنّ الأمانة العامة للعتبة العبّاسية كانت دؤوبة على رفع مستوى الأخوات العاملات في كنفها، ولله الحمد على تلك النعمة. بعد ذلك حدّثتنا السيّدة سارة الحفّار -مديرة مركز الكفيل لذوي الاحتياجات الخاصة- مبيّنة: كلّ ما تقدّمه العتبة العبّاسية المقدّسة هو دعم منقطع النظير لكلّ من المنتسبات والمستفيدات وبشكل مواكب للحداثة والتطوّر العالمي. وأوضحت السيّدة فاطمة صاحب من إذاعة الكفيل قائلةً: تستمدّ الإذاعة عطاءها من صاحب العطاء أبي الفضل العبّاس، واعتمدت العتبة في الاذاعة على كفاءات نسويّة حقّقت نجاحات على المستوى المحلّى والعالميّ، وهذا لم يأت من فراغ، بل لكون العتبة هيّأت أرضيه رصينة لتقديم العطاء، ودعم المرأة عن طريق الدعم الماديّ والمعنويّ، وتعتمد العتبة العبّاسية في مشاريعها على الكفاءات وكلٍّ بحسب تخصصّه وكفاءته، ودليل نجاحنا هو تفاعل المرأة مع الاذاعة؛ إذ نحن نلمس التغيير عن طريق الاتصالات التفاعلية، وهذا ما يدفعنا إلى المضي قدماً. من الخدمات النوعيّة التي قدّمتها العتبة العبّاسية المقدّسة هو فتح مجمّع العفاف النسويّ الذي يحفظ للمرأة كرامتها وحياءها، وفي هذا الشأن بيّنت السيّدة كوثر مرتضى حسين العلوي مديرة مجمّع العفاف النسويّ قائلةً: حفاظاً على حياء المرأة وعفّتها دأبت العتبة العبّاسية على تقديم كلّ ما من شأنه أن يصون المرأة ويعطيها الحريّة في التسوّق بلا قيود ويوفّر لها ما تحتاج إليه، فضلاً عن توفير ملاك مناسب يمتاز بحسّ عالٍ من الذوق واللباقة في التعامل مع النساء، وهذا ما يضاعف من نجاح المشاريع التي ترعاها العتبة. العتبة العبّاسيّة المقدّسة دؤوبة على تحقيق التوازن المجتمعيّ، وإعطاء المرأة الفرصة لإثبات ذاتها وجدارتها في العمل، وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة عن طريق تطبيق أنشطةٍ جديرة بأن يُعترف بها دوليّاً، ولتُثبتَ عمليّاً أنّها شريكٌ أساسي في تحقيق أهداف عمليّة التنمية المستدامة. .......................................... *والتي تعرّف بأنّها العملية التي تضمن في الوقت ذاته النموّ الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة أي أنّها المجال الذي يشترك فيه كلّ من المجتمع والبيئة والاقتصاد في تطوير المدن والمجتمعات، وكذلك الاقتصاد من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها.