رياض الزهراء العدد 77 همسات روحية
الصدّيقَةُ الطّاهرَةُ.. مِرآةُ الحياةِ وحَياةُ المَرأة
تناولنا في الحلقة السابقة موضوع المقوّم الأخير من المقومات الثلاثة التي تُساعد الفرد على تحقيق الاتزان والاستقرار في مجمل أدواره, وقد كان حسن الإدارة والتنظيم - كما بيّنا - أهم أدوار السيدة الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام), وفي هذه الحلقة سنتناول الدور الأول لها (صلوات الله عليها) وهو دورها كأَمَةٍ لله تعالى. أولاً/ العبادة: إن العبادة بمفهومها الخاص تعني الالتزام بالعبادات التي شرّعها المولى تبارك وتعالى كالصلاة والصيام والحج.., وهي وسيلة من وسائل القرب إلى الله تعالى، وفي الحقيقة أن كلّ تشريعات الإسلام تمثل للإنسان حلقات وصل تقرّب من الله سبحانه. كانت الصديقة الطاهرة حريصةً على هذا القرب, فعن سيّدتنا الزهراء (عليها السلام)في توضيحها لفلسفة العبادات في خطبتها الفدكية: (...فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكيةً للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحج تشييداً للدين...) إذن نجد عبادتها قائمة على معرفة ودراية, ونرى ذلك شاخصاً جلياً في كلّ عباداتها, حتى في دعائها للآخرين فقد رُوي عن الحسين بن علي (عليه السلام)، عن أخيه الحسن بن علي بن أبى طالب (عليه السلام)قال: رأيت أمي فاطمة(عليه السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه لم لا تدعون لنفسك كما تدعون لغيرك؟ فقالت يا بني: الجار ثم الدار”.(1) وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله)أنه قال: “وأمّا ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بَضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يديّ ربّها جلّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته، يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يديّ، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار... إلخ”.(2) ............................ (1) علل الشرايع، ج1، ص259. (2) ميزان الحكمة – الريشهري، ج5، ص251.