رياض الزهراء العدد 157 لحياة أفضل
ثِمَارُ الاستغفَارِ الثَلاثُ
إنّ غاية الاستغفار هي إدراك مواطن الظُلمة في النفس، وطلب المدد الإلهيّ؛ أي أن نُفكّر لمَ ولأيّ خطأ أو فعل صدر عنّا نحن نستغفر؟ لتحصل بعدئذٍ التوبة؛ أي الرجوع إلى الله تعالى، ثمّ بلوغ الممد الإلهي، مثلما جاء في قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)/(هود، الآية:52)، إذ تُبيّن الآية الكريمة أنّ الثمرة الأولى هي: (يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا)، فمثلما يبدو هنا الإرسال للمدد يشمل الماديّ والمعنويّ، فالنفس الإنسانية إذا طهرت فإنّ كلّ مخلوقات الله المُسخّرة لها تكون في خدمتها ونفعها، أمّا إذا أجرم الإنسان وخرج عن حدود طاعة الله تعالى ولم يُدرك خطأه، نرى آثار ذلك تظهر في طبيعة نزول المدد المعنويّ فيعيش حالةً من الضيق النفسيّ، والماديّ أيضاً. أمّا الثمرة الثانية فهي: (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)، فالإنسان الذي يُدرك خطأه، ويعود لربّه هو بالأصل عبد قويّ؛ لأنّه تغلّب على نفسه وهواه، لذا الله تعالى يَمُدّه بزيادةٍ في قوّتهِ وهي قوة الثبات في عدم الرجوع إلى مثل ما اقترف. والثمرة الثالثة هي استمرار المدد الإلهي، عندما يكون المستغفر مصداقاً لقوله تعالى: (وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)، العلّامة الطبطبائي في تفسيره يقول فيها: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ)،... أي فاستغفروا الله من إجرامكم وارجعوا إليه بالإيمان حتى يرحمكم بإرسال سحب هاطلة ممطرة وزيادة قوة إلى قوتكم)(١). لأنّ الإنسان قبل أن يستغفر كان في حالة ابتعاد عن الحقّ، ولكن عند الاستغفار الحقيقيّ هنا يحصل قرار حازم بالابتعاد عن أيّ جرم (حصول براءة)، وهذا بالمقابل يثمر تولّي الحقّ والاقتراب منه، ممّا يجعل القلوب نظيفة، والنفوس طائعة، خالية من آثار تلك الأفعال السيّئة، ومحلاً لنزول النور دون انقطاع. لذا كوني بالاستغفار مدركةً لمواطن ضعفكِ، واستمدّي العون من ربّكِ، تكوني تقيّة، قويّة، نقيّة. ..................................... (1) تفسير الميزان - السيد الطباطبائي، ج ١٠، ص ٣٠٠.