حُبُّ الذَّاتِ المَحْمُودُ وَالمَذمُومُ

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 157

السؤال: بدأنا في دراسة كتاب (الوصايا الأربعون)، ونحاول الوقوف عليها.. وهناك بعض الاستفسارات التي توقّفنا عندها.. ذكرتم: أنّ من دواعي الشرك الخفيّ تحقيق الذات.. السؤال هو: كيف يُمكننا الجمع بين حبّ الذات الغريزيّ وبين ما نادى به علم الأخلاق من ترك الأنانيّة وحبّ الذات؟.. أي الخروج من دائرة الحبّ البهيميّ إلى فضاء الحبّ المطلق. مضمون الردّ: نشكركم أولًا على أصل السؤال الذي يكشف عن وعي إجمالي في هذا المجال، فإنّ البحث عن هذه المعارف مقدّمة للحركة السلوكيّة، والإنسان لا يتحرّك نحو المجهول، مثلما لا يتحرّك نحو المعلوم الذي لم تنكشف له درجة من درجات كماله أو جلاله، إنّ حبّ الذات المذموم هو الحبّ الغائيّ المستقرّ بمعنى: أن يكون جهده ولو في مضمار العبادة، من أجل أن يرى نفسه جميلًا ولو عن طريق خدمة الجميل. وأمّا إذا كان حبّ الذات مقدّمة لتقديم ما هو جميل في سبيل رضا الجميل، فأيّ ضير في ذلك؟!!.. أليس الإنفاق الأكمل هو إعطاء ما يحبّه العبد من المتاع الفاني؟.. فكيف إذا كان ما يقدّمه الفرد أحبّ شيء إليه في الوجود، ألا وهي نفسه التي بين جنبيه!!.. نرجو الالتفات جيدًا إلى هذه الحقيقة: شتّان ما بين أن يقدّم الإنسان نفسه شهيدًا في سبيل الله تعالى وهو في مرحلة: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ) من حيث نموّ الروح، وبين مرحلة لَحْمًا (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)/(المؤمنون، الآية: 14)، في تكامل النفس!!