رياض الزهراء العدد 161 همسات روحية
جَمْراتُ قَلبِي...
ملأ الزمان صوتها، وله رنّة في عمق السنين: أخي يا حسين(عليه السلام).. هزّت ضمائر الثائرين، ناغمت الثكلى والحائرين.. ارتسمت في الأحداق أحداج الإبل، ومسيرة الأحزان وَعتْ طريقها يوم الأربعين.. ألا يا جمرات قلبي كوني لها مصباحاً أضيئي دربها.. وهوّني عليها جراحها وما بها من أنين.. ويا نياط قلبي أمسكي بزمام ناقتها.. إنّها الخَفِرة من بني ياسين.. ويا روحي انظري إليها وما تحمل تحت عباءتها!! ومَن تخاطب؟ سترينها تناجي رأسًا كأنّه الشمس تهمس إليه همس العاشقين.. تحنّ إليه بدمع المحاجر وتمسح الجبين.. ودموعها تحكي يوم سافرت عنه بنصْل اللوعة ونشيج الحسرة.. وآلام المتون.. مذ غاب أُسدكِ في فلوات كربلاء وخلا منهم كلّ عرين.. في سويداء فؤادكِ نقش حبّهم حتى تقطّع حبل الوتين.. لقد رأت عيناكِ ما رأت فناديتِ جَدّكِ المصطفى بكلّ يقين.. وخاطبته: يا جدّ هذا حسينكَ بالعرى، قطعوا به رأس الدين.. تفديكَ يا مولاي كلّ مهجة وكلّ روح تنفّست في عالم التكوين.. وكلّ ما في الدُّنا وما بين الخافقين.. وصلت قافلة الرزايا وحطّت رحالها على قبر ابن محمّد الأمين.. فمذ هَوتْ وقفت أفلاك السماء وتبدّلت حركتها سكوناً.. هناك كان اللقاء على ترب طفّ نينوى، وجرت عيناها كمزن الشتاء الباردة.. قارعت أمواج همّها ورحلت بعد أن أودعت قلبها عنده.. تنادي: لله درّكَ وحيدًا يا حسين ... رجعت جمرات قلبي تكفكف دمعها.. تندب رُزءها وتبكي بعزاء وشجون..