كيفَ نُعَزِّزُ الثِّقَةَ بالنَّفسِ لدى أبنائِنا المرَاهقينَ؟

صديقة الموسوي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 155

مرحلة المراهقة مرحلة مهمّة وشائكة، ينتقل فيها الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، وقد زادت تعقيدات العصر من صعوبتها في ظلّ سيطرة عوامل متعدّدة على تربية المراهق، والتأثير في أفكاره وعواطفه، كالإنترنت والفضائيّات، وتضادّ أهداف المُشرفين عليها مع ما يطمح إليه الآباء والأمّهات الواعون على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم، وفي ظلّ تعدّد هذه المؤثّرات والتحدّيات فإنّ الثقة بالنفس لها أهميّة كبيرة، فماذا تعني؟ الثقة بالذات هي: حسن اعتماد المرء بنفسه، واعتباره لذاته وقدراته حسب الظرف الذي هو فيه (المكان، الزمان) من دون إفراط (كِبر أو عناد)، ومن دون تفريط (من ذلّة أو خضوع غير محمود)، وهي أمر مهمّ لكلّ شخص مهما كان، ولا يكاد إنسان يستغني عن الحاجة إلى مقدار من الثقة بالنفس في أمر من الأمور. عندما يكون الشخص واثقًا من نفسه أي أنّه: * محبّ لذاته (أي أنّه يعتمد على نمط حياة يساعده على النموّ الجسديّ والروحيّ). * واعٍ لذاته (أي لديه نظرة عميقة في أفكاره وعواطفه وسلوكه) ويتمتّع بضبط النفس. * لديه أهداف واضحة وحسّ عالٍ بالهدفيّة. * لديه تفكير إيجابيّ (ينتظر تجارب ونتائج إيجابيّة). هناك قوانين تساعد الآباء والأمّهات على تقوية الثقة بالنفس لدى الأبناء منها: القانون الأول: قبل أيّ نصيحة كونا أنتما قدوته عمليّاً؛ فعن أمير المؤمنين(عليه السلام): "وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالْإِجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ"(1). القانون الثاني: تأكّدا من تعميق معرفتكما بمرحلة المراهقة ومسائلها، والتغيّرات الجسديّة والنفسيّة، وتقبّلا بأنّه لم يعد طفلا لينفّذ كلّ الأوامر، فهو الآن يريد تكوين شخصيّة مستقلّة، وهذا لا يعني بأنّ التمرّد والعناد أمران طبيعيّان، بل يعني أن تتفهّما حسّاسيّة هذه المرحلة بصبر وحبّ، ليتقبّل المراهق القِيم ويقتنع بها. القانون الثالث: اسمعا ثلاث مرات وتكلّما مرّة واحدة!! يُقال: إنّ الإنسان يتعلّم الكلام منذ سنين عمره الأولى، إلّا أنّه قد لا يُتقن فنّ الاستماع حتى نهاية عمره...فإذا كنتما مستمعين جيّدين فهذا فنّ تجيدانه، وإذا لم تحسناه بعد فالفرصة سانحة، يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "عوّد أذنكَ حسن الاستماع"(2). ولحسن الإصغاء أهميّة كبيرة في نجاح التربية، ويبيّن Richard Carlson ريشارد كارلسون (اختصاصي علم النفس) أهميّته بالقول(3): ١. إنّ الإصغاء أحد الطرق المؤثّرة وبشكل كبير للتعبير عن الاحترام؛ ويعدّ غداءً لتقوية حرمة الذات. ٢. الاستماع بدقّة أفضل طريقة لمعرفة الأشخاص، ربّما تظنّان أنّكما تعرفان ابنكما، إلّا أنّ الأمر ليس بهذه البساطة. ٣. إن تحدّث ابنكما معكما عن أفكاره وعقائده، بصفتكما مستمعيْن جيديْن لهُو من أكثر الطرق تأثيراً ليتعرّف على حاجاته وما يريد. ............................... (1) نهج البلاغة: ص ٧3. (2) ميزان الحكمة: ج٣، ص٢١٩١. (3) الاعتماد في النفس عند المراهقين: كيل ليندن فيلد.