هِيَ وَالغُربَةُ

ميعاد اللاوندي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 130

في غمار رحلتها، سواء كانت طالبة أم زائرة أم عاملة، وأينما كانت وجهتها، إنّها ليست مجرّد فرد عبرت حدود مدينتها أو وطنها ناشدة ما تصبو إليه من هدف فحسب، إنّها كسفيرة تفتح نافذتها على العالم؛ لتعكس صورة واقعيّة من سلوكيّات نشأت عليها، ومبادئ وقِيم وأعراف تربّت على أساسها، هناك حيث تبرز تحدّيات الغربة إذ لا مراهنة على حساب تلك التحدّيات، إنّها تنطلق إلى ذلك العالم الفسيح حاملة معها أمتعة وحقائب إذ لا رحلة من دونها، ولكن ماذا عن حقيبة خفيّة تكمن في قلبها وعقلها وذاتها حوت كلّ ما ترعرعت عليه، إذ كلّ إناء بما فيه ينضح. وثمّة سؤال يطرح نفسه على تلك المرأة المسافرة، تُرى ماذا تعني لها تلك الرحلة؟ أهي محطّة تحرّر من قيود انصاعت لها عنوة وكانت تلك الرحلة وسيلة خلاص من هذه القيود وأنّها وأخيراً ستحظى ببعض الحرية المتجلببة بجلباب الديمقراطية المسمومة؟! ويا للأسف فالبعض منهنّ كان هذا التساؤل هو منفذها الوحيد للانطلاق وكسر ما تعدّه حدّاً لحريّتها ونست أو تناست أنّها ليست وحيدة في ذلك العالم، وما هي إلّا مسؤولة عن حفظ أمانة وطنها ومجتمعها ودينها، فبالسلوكيات والآداب باتت تُعرف ثقافات الشعوب، أيضاً لن تخلو تلك الغربة من عقبات وامتحانات، ولن تفلت من فكّيها إلّا المتسلّحة بالإيمان المنقذ قلبها بالعقيدة الحقّة والثبات عليها، لن تسلم من النظرات المريبة تارة ومن الاستهزاء بحشمتها تارة أخرى، أو حتى التشكيك أحياناً بما تؤمن به بغية الإطاحة بها وجعلها فريسة سهلة المنال وكسب الرهان، مثلما يحصل مع البعض من ضعاف النفوس، إذن لتكن ثقتكِ بنفسكِ كبيرة ولا تكترثي يا سيّدتي للباطل وإن كُثر أتباعه، إنّكِ على حقّ بشهادة سيّد الأوصياء(عليه السلام): "لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة مَن يسلكه"(1)، واجعلي لنفسكِ بصمة نقيّة أينما حللتِ، ولتكن جبل الصبر السيّدة زينب(عليها السلام) نصب عينيكِ، فانظري كيف لوت بحجابها وصبرها وصمودها أعناق الغربة الموحشة، وكسرت بالتزامها بدينها رهان الظالمين، وأمست بحقّ وبلا منازع فخراً للمخدّرات، تلك هي السيّدة زينب بطلة كربلاء(عليها السلام) وصوت الإمام الحسين(عليه السلام) الهادر. ....................................... 1- مستدرك الوسائل: ج12، ص172.