آفاقُ التَّواصُلِ الأَمثلِ وَتَجاذُبُ أَطرافِ الحَدِيثِ في المُؤَسَّسَةِ التَّربَوِيَّةِ

نوال عطيّة المطيّري/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 196

عند العودة بالذاكرة تستوقفنا محطّة يانعة تحمل تحت طياتها حقائق، ابتسامة وبشاشة، محادثات صغيرة وتمتمات معبّرة تمثّل بادرة لطيفة تبدو للوهلة الأولى ثمّة رحلة جديدة تفصح عن العديد من الومضات المشوقة والمسلّية، كلّ ذلك عبر بوابة لطيفة ورصينة، ألا وهي بوابة (الاندماج الاجتماعي)، وتوسيع دائرة العلاقات الأخويّة مع الآخرين، تحت هذا المنظور يمكننا الخوض في ذلك أكثر عندما نتدرّج نحو أعتاب المؤسّسة التربويّة ونستعرض أحد أهمّ عناصرها وأسس أصالتها، والمقصود هنا هو (المتعلّم)؛ لنتعرّف على أهميّة تكوين الصداقة مع أقرانه بدءاً من مرحلة رياض الأطفال وتدرّجاً إلى المراحل الدراسيّة داخل أسوار المدرسة بتأمّل واهتمام، ولا بدّ من الإشارة إلى الانطلاقة الأولى لتعريف مفهوم (الصداقة) فالصداقة للطفل تبدأ من داخل البيت، فالأسرة هي المؤسّسة الأصيلة والمتجذّرة التي يقع على عاتقها تبنّي غرس تلك القِيم لدى أبنائها منذ الطفولة وتقويتها، ومن الجدير ذكره أنّ من الناحية النفسيّة والاجتماعيّة للأطفال تظهر علامات وجود (الصديق الخيالي) لديهم في سنّ الثالثة والرابعة من عمرهم، يتمثّل ذلك بالتكلّم مع الدمى والألعاب، واستلطاف أحد الأسماء اللطيفة التي تسترق أسماعهم، فيتّخذها الطفل فيما بعد صديقاً له في الخيال. ولا يستغرب القارئ الكريم لوجود تلك الصفة والميزة لدى الأبناء، فالأمر طبيعيّ من الناحية الصحيّة والطبيّة، وينبغي على الآباء في تلك المرحلة تقبّل كلّ ما يبوح به الأبناء من كلا الجنسين، وعدم الضحك والسخرية منهم وإثارة القلق بشأن صحّتهم النفسيّة، على العكس من ذلك يتطلّب الأمر استثمار وجود تلك الصفة والقيام بالتوضيح والشرح المبسّط عن المتعة والسرور لإيجاد أصدقاء لهم خارج البيت ولقائهم داخل المدرسة، حيث يعدّ توثيق أواصر الصداقة أمراً بالغ الأهميّة في حياة التلميذ، ويشكّل عاملاً ضروريّاً للتعرّف على باقي التلاميذ الذين يقضي معهم معظم وقته في الدوام المدرسيّ، حيث تنشأ بينهم رابطة أخويّة يكتسب المتعلّم عن طريقها العديد من المهارات الحياتيّة المهمّة، وتعزيز الشعور بالانتماء الجماعيّ مع الأصدقاء والتعايش مع الأشخاص الآخرين والانسجام معهم، كذلك تُسهم المشاركة الجماعيّة في علاج حالات عديدة يعاني منها فئة من المتعلّمين منها الخجل والعزلة والقلق والتوتّر، لحصول الفائدة والتمتع الصحي للتخفيف من شدّة تأثير تلك الانفعالات في المتعلّم، فعندما يجد نفسه محاطاً بصديق مقرّب أو مجموعة من الأصدقاء سيشعر بالثقة والأمان والخروج من الوحدة والتغلّب على التجارب الصعبة. وفي الختام هناك بعض التوصيات نُلقيها على الآباء والملاك التربويّ تتمثّل بتشجيع التلاميذ الجُدد على الاشتراك في أنشطة جماعيّة مثل الرياضة والأنشطة اليدويّة والتطوعيّة، والاهتمام بإقامة المنتديات والمناسبات السعيدة ودعوتهم إلى حضورها والاجتماع معاً، وطرح القصص المثرية والمفيدة التي تجسّد أهميّة الصديق والصداقة وتوفير المكان المناسب للعب، وحثّهم على تعلّم فنون التواصل مع الآخرين والتعاون معهم.