رياض الزهراء العدد 161 منكم وإليكم
رَحَلَتْ من دُونِ أَن تَشْكُو
في عمر صغير، وبعد رحلة طويلة مليئة بالحزن والألم وقساوة عدوّ لا يعرف الرحمة، تحمل قلباً قد قاسى الظلم والطغيان.. سيقت بضعة محمّد سبيّة إلى أرض الشام سيراً على الأقدام، حافيةً لا تستطيع السير على حرّ الرمال، مكبّلة بأصفاد من حديد.. تلوذ من السياط بعباءة عمّتها التي أحرقتها النار التي سُعرت في الخيام.. طفلة أنهكها التعب، محاطة بسياط تنهش جسدها الصغير، لكنّ المصيبة العظمى والطامّة الكبرى كانت حين وصولها إلى الشام.. وكان قد أشتدَّ بكاؤها، وعَلا صوت أنينها، طالبةً رؤية أبيها، وهي تقول: عمّتي أين أبي؟ لقد كان عندي الساعة، فعجزت فخر المخدّرات عن إجابتها، ثمّ أطرقت برأسها وقالت: إنّ أباكِ في سفرٍ يا نور عيني.. لكنّها ولصِغر سنّها وشوقها لوالدها سيّد الشهداء استمرّت بالبكاء حتى جاؤوها بالرأس الشريف مغطّىً بخرقة بيضاء، اعتقدت الصغيرة أنّهُ طعام فأبت أن تأكل، حتى قالت لها عمّتها: ارفعي تلكم الخرقة يا صغيرتي وستجدين مبتغاكِ، أزاحت الغطاء وإذا به رأس أبيها، وضعت الصغيرة رأسها على رأس أبيها وفاضت روحها الطاهرة. حلّقت روحها إلى ربّها شاكيةً له ما جرى عليها من عذاب وألم، فتقبّلها ربّها بقبول حسن، وعادت رقية إلى جوار حبيبها راضية مرضيّة.