رياض الزهراء العدد 161 منكم وإليكم
تَغْيِيرُ المَاضِي
أكتب هذه الرسالة لكِ بقلم الرصاص من جانب نافذة صغيرة في تلك الطاحونة المهجورة التي كنّا نغامر عند دخولها، ونختبئ فيها عندما تضيق بنا الحياة، ونفكّر في قراراتنا الآتية، نذهب إليها عند الفرح وعند الحزن، عند البكاء وعند الابتسام، نراقب الغروب من بين شفراتها، أتذكرينَ عندما رأينا عشّ السنونو؟ أوه كان رائعاً حقّاً.... لكن في آخر اجتماعاتنا في أبرد ليلة في السنة عندما تكلّمنا عن خطانا الآتية كان أصعب موقف مررتُ به!!! أتذكرين الدموع التي ذرفناها؟ لكن عندما سمعنا هطول المطر قلتُ لكِ لنقضي باقي وقتنا بالاستمتاع بالمطر ولننسى الأمر... عندها خرجنا نلعب تحت المطر، ونضحك بكلّ عفويّة، لكن بعد أن توقّف المطر انكشفت الحقيقة، لقد كنّا نبكي من دون أن نشعر، لكن لا أزال متأكدة أنّ نبضنا متناغم كموسيقى المطر... كسرب طيور مهاجرة عند غروب الشمس... كجرس مرّ النسيم عن طريقه فأسمَعَنا صوت السلام... وبألوان الفضاء تلوّن عالمنا... فأدركنا الملتقى قبل المغيب... لكن لم أعلم أنّ رحلة الفراق تبدأ من لحظة اللقاء... وغبنا مع الشمس من محطّة قطار متعاكسة... وكلّ مضى في دربه، وذِكرانا دموع التقت على مقعد الانتظار... وصمت قاتل حلّ بيننا... كلمات عالقة بين أغصان الشجرة المتدلّية بجانبنا... تباعدت المسافات، وانقطعت الأخبار وتزاحمت الذكريات أمام تلك النافذة الباردة في الشتاء... ذلك الكتاب الذي قرأناه معاً، وطبعنا أفكارنا على قصاصات صغيرة تاهت بين أوراقه لا يكون ممتعاً عندما أقرؤه بمفردي... وذلك اللحن الحزين لا يزال يُعزف في الذاكرة... كدتُ أفقد الأمل ونظرتُ نظرة يائسة من تلك الشرفة لكنّي رأيتُ القمر، فتذكّرت حبّكِ له... وعبارتكِ التي كنت تردّدينها: "مهما حدث لا تفقدي الأمل، فالقمر لن ييأس من محاربة الظلام، والنجوم تُضيف أجمل لمسة على لوحة الليل، هكذا هي الحياة لا ننكر الظلام لكن لنركّز على تلك اللوحة المتكاملة: إن غابت الشمس اليوم فستُشرق غداً حتماً"... عدتُ إلى محطّة الفراق لأقلب الموازين، وأجعلها محطّة للقاء... لقد شعرتُ بسعادة غامرة أحيتنس من جديد عندما رأيتك تعودين في الوقت نفسه... لقد التقينا رغم كلّ الصعوبات التي واجهتنا.