سَامرَّاءُ... أحزانٌ لا تَنتَهي

زبيدة طارق الكناني/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 217

يقولون: كفى حزناً يا سامراء ورفقاً بأرضكِ التي شربتْ مرارة المسافات وذاقتْ طعم العذابات وحطّمتها أيام الغياب رفقاً بأعتابكِ التي أثقلها السهاد يقولون: كفى حزناً يا سامراء فإلى متى تبقينَ تُقيمين مآتماً بين أروقتكِ؟ وإلى متى تروين الحنين من دموعكِ؟ وإلى متى ستبقى رايات السواد فوق قبّتكِ الذهبيّة؟ يقولون: كفى حزناً يا سامراء فإلى متى نراكِ تبكينَ؟ وإلى متى ستبقينَ تنبشينَ قبر الحنين؟ لتوقظي الماضي الدفين يلومون وكأنّهم لا يعلمون كم شهد ضريحكِ من الألم طوال سنين وكم تحمل أروقتكِ الحزينة من الهموم والأنين وكم تقطّرت من جراحاتكِ دماء تروي شجن المنابر في كلّ حين يقولون يا سامراء، كفى حزناً واليوم تتجدّد أكبر الأحزان برحيل سيّد الأكوان فكيف يمكن لأحزانكِ أن تترجّل؟ وكيف لأوجاعكِ أن ترحل وهي ترى سماءكِ قد اغتسلت بدمعٍ رقراق نقيّ طاهر؟ وترى مآذنكِ قد صمتت عن الكلام في بكاء ومناجاة لربّ العالمين واعتزلتِ الأنام في محراب السلام بصمت تندبين مدينتي الحزينة ملامحكِ المنكوبة بفقد نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) توقف نبضات القلب، وترسم على حافة العين دموعاً خافتة تبوح بما خبّأته جدرانكِ من عتاب فقد اختفى صوت داعي الله من الوجود وضاعت برحيله الرحمة على الأرض وملئت الدنيا بصراخ الظلم وتلاشت مع كابوس موت النذير المبين كلّ مراتب النعمة التي أنعمها الله علينا فأعلنت حدادها كلّ المساجد، وبكت كلّ المنابر وعمّت الدنيا المآتم وأنتِ يا سامراء سيّدة المظالم أميرة الأحزان يتيمة هي قطرات الغيم على أرضكِ الموجوعة والريح فيكِ تهذي بذكرى نعش بين أزقتكِ يمشي لخاتم المرسلين وحيدة تسمعين الأذان: (أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله) وبألم الفراق وفقدان الأمان تشعرين فانطفأت في مرقدكِ كلّ شموع الأمل برؤية الهادي البشير ومصابيح شوارعكِ تبكي حسرةً أرهقها الانتظار فلن يولد لها نهار والليل طويل ولا رفيق فيه سوى عشقكِ الكبير وكأنّكِ تقولين: لا تلوموني إذا كنتُ على الماضي أعيش لأنّ فيه سماواتي وأزهاري وجذري ومزيج الأحزان والأفراح يسمو بذاكرتي، فأرسل بنبض شعري وداعاً للغياب بمَن تواروا عن الدنيا بمسك فوق قبر، كأنّ غيابهم ميقات فجر نراهم فيه عندما يدثّرنا الغفور بفيض الستر...