«تَأخِيرُ العَمَلِ عُنوانُ الكَسَلِ»(1)

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 274

حميدة: أستاذة ليلى كيف يمكن للإنسان أن يعرف أنّه مبتلى بمرض الكسل أم لا؟ زينب: هل لي أن أجيب؟ ليلى: تفضّلي. زينب: قد يحسب الإنسان نفسه سليماً معافى من هذا المرض بينما هذا المرض قد استولى عليه وتمكّن منه، وقد ينفر إنسان آخر من الكُسالى وينتقدهم بينما هو أحدهم، وقد يحصل هذا التناقض بسبب فهم الإنسان الخاطئ لمفهوم الكسل، وأنّه محصور في مصاديق محدودة. فمثلاً يفهم البعض أنّ الكسل فقط في الأعمال التي تتعلّق بالدنيا، ولا علاقة له بأمور الآخرة، ومن هنا تأتي الحاجة إلى معرفة العلامات التي تدلّ على وجود هذه الصفة وهذا المرض. ليلى: أذكر لكم روايتين: الأولى تذكر علامة واحدة وهي العلامة الأساسيّة، فعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «تأخير العمل عنوان الكسل»(2) فعندما نرى شخصاً يؤخّر عمله الذي يستطيع إنجازه باكراً ولا يُنجزه، فهذه إشارة على وجود هذا المرض، وقد يكون مستفحلاً أو في بداياته. الرواية الثانية تذكر أربع علامات، وهي التواني، والتفريط، والتضييع، والإثم والضجر. فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «أمّا علامة الكسلان فأربع: يتوانى حتّى يفرّط، ويفرّط حتى يضيّع، ويضيّع حتّى يأثم ويضجر»(3) حوراء: هل يمكن لكِ توضيح الرواية بأمثلة؟ ليلى: لعلّ الرواية تُشير إلى مراتب هذا المرض ومراحله من أين بدأ وإلى أين ينتهي، يبدأ بتوانٍ وينتهي بمعصية، هل لديكنّ أمثلة تطبيقيّة تذكرنها؟ هدى: الصلاة في أول وقتها أفضل وأعظم ثواباً، فحين لا تكون هناك مبادرة إلى أدائها، فهذا يعدُّ توانياً وتسويفاً، وسبب هذا التسويف هو أنّ هناك متسعاً من الوقت، ثمّ إذا خرج الوقت الفضيل وأُخّرت الصلاة تحوّل الأمر إلى تسويف ثمّ تفريط وإهمال وعدم إعطاء الصلاة أيّ اعتبار وأهميّة. ثمّ إنَّ هذا الإهمال إذا استمرّ وتواصل يُدخل الكسل إلى مرحلة ثالثة، وهي تضييع الصلاة، وهي مرحلة خطيرة إذ تؤدّي بهِ إلى الإثم والمعصية، وهو عدم الصلاة في وقتها. فاطمة: مثال آخر، لو طبّقت الرواية عند تلاوة القرآن فينبغي للمؤمن أن يجدّد عهده مع كتاب الله في كلّ يوم، فعن أَبِي عَبْدِ اللَّه(عليه السلام) قَالَ:» الْقُرْآنُ عَهْدُ اللَّه إِلَى خَلْقِه فَقَدْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي عَهْدِه وأَنْ يَقْرَأَ مِنْه فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسِينَ آيَةً»(4)، هذه الخمسون آية يمكن أن ينجزها أول اليوم بعد صلاة الفجر، ولكن يتمّ التسويف والتواني بحيث يصل إلى إهمال وتفريط، فيأتي وقت الظهر ولم يقرأ آية، فهذا تفريط وينتهي اليوم بلا تلاوة، هنا تضيع الفرصة وإذا تكرّر هذا الأمر بشكل يومي تصل المرحلة إلى هجران القرآن الكريم: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا)/(الفرقان: 30) ليلى: فنخلص إلى أنّه إذا كانت لدى الإنسان مثل هذه العلامات، فهذه إشارة إلى أنّ الكسل مستفحل في حياته، والعياذ بالله. يُتبع.. ........................ (1) ميزان الحكمة: ج9، ص33. (2) المصدر السابق نفسه. (3) ميزان الحكمة: ج9، ص 33. (4) وسائل الشيعة: ج149، ص 17.