السَّفِيرُ الثّانِي وحُكمُ الظُّلم

شيماء صاحب
عدد المشاهدات : 265

إنّ الأئمة (عليهم السلام) قد هيئوا الأمة الإسلامية للتفاعل والاندماج مع غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الكبرى باعتبار أنّ هذه التجربة هي جديدة عليهم، وكانت الغيبة الصغرى التي دامت ما يقارب التسعة والستين عاماً هي أيضاً تمهيد للغيبة الكبرى. فعن طريق اتصال السفراء الأربعة بالإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أُثبت وجوده، وكان لابدّ من وجود صفات كريمة متكاملة للسفراء من العلم، والحلم، والعقل، وقوة الإيمان، وصحة العقيدة، والخبرة والتجربة بأمور الأمّة، وخاصة في ظل ظروف سياسية واجتماعية وفكرية معقدة في تلك الحقبة، وهناك الكثير من الدلائل التي أثبتت صحة اتصال السفراء بالإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وميّزت صحة أقوالهم نسبة إلى الادّعاءات الأُخر الكاذبة، فقد نصّ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) على سفارة عثمان بن سعيد - وهو أول السفراء الأربعة - بحضور وشهود الخواص من الناس، وعن طريق التوقيعات والبيانات التي تخرج على يد السفير الأول بالخط نفسه الذي كانت تخرج على يد غيره من السفراء، وأصبح هذا الأمر معروفاً وواضحاً، ويقال: إن هذا التوقيع بخطّ مولانا صاحب الدار، وأوصى عثمان بن سعيد قبل وفاته إلى ابنه محمد بوصية من الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وهو من أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام). وكان يلقب بـ (العمري) أو (السمّان) أو (الأسدي)، وشهد عصر سفارته الظلم والجور وسفك الدماء من قِبل المعتضد العباسي، وعلى الرغم من طول مدة سفارته في الأربعين عاماً إلا أنه لم ينقل توقيعاً إلا عند الحاجة الشديدة وفي ظروف خاصة وفي حذر شديد، وكانت مدة سفارته مؤثرة بصورة كبيرة في الناس، وحصل على مرتبة جليلة بين علماء زمانه, فكانوا يُجمعون على عدالته ووثاقته وأمانته، فلا يرجعون إلى أحد سواه، وقد روى أدعية مشهورة عن لسان الأئمة (عليهم السلام) منها دعاء (الافتتاح)، ودعاء (السمات) ودعاء (الفرج) الذي قرأه الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وكانت له معجزات كثيرة، فقد علم بدنوّ أجله، فحفر لنفسه قبراً وسوّاه بالساج، وبعد شهرين توفي في نهاية شهر جمادى الأولى عام 304 للهجرة، وقد قام السفير الثالث الحسين بن روح بتغسيله وتكفينه والقيام بأموره.