رياض الزهراء العدد 160 لنرتقي سلم الكمال
«السَّلامُ عَليكُم أيُّها الرَّبَّانِيُّون» (1)
الربّاني: هو الذي أحكم ارتباطه بالله جل وعلا، ولمّا كانت الكلمة مشتقّة من (ربّ) فهي تُطلق أيضاً على مَن يقوم بتربية الآخرين، وتدبير أمورهم وإصلاحهم. إنّ هدف الأنبياء لم يكن تربية الناس فحسب، بل استهدفوا أكثر من ذلك تربية المعلّمين والمربّين وقادة الجماعة، أي تربية أفراد يستطيع كلّ منهم أن يضيء بعلمه وإيمانه ومعرفته محيطاً واسعاً من حوله. وهكذا أئمّة الهدى(عليهم السلام) كانوا يدعون إلى الأهداف الدينيّة المقدّسة والإنسانيّة، والتوحيد والحرية، أمّا دعاة الباطل فأنّ أوّل ما يبادرون إليه عند وصولهم إلى السلطة هو الدعوة لأنفسهم؛ فالإمامة عهد ومسؤوليّة ربانيّة لا تُناط إلّا بمَن لديه أهليّة القيام بها، وهي أن يكون غير ظالم لنفسه أو لغيره، وهذا لا يتحقّق إلّا إذا كان معصوماً منزّهاً عن الخطايا، والذنوب ومن ثمّ يكون تعيين الإمام من قبل الله(سبحانه وتعالى) لا من البشر. هؤلاء القدوات صنعوا قاعدة شعبيّة مؤمنة في وجدانها وسلوكها وعملها بالتعاليم الإسلاميّة، بحيث شكّلت جبهة قويّة غير قابلة للنفوذ والاختراق من قِبل الأعداء، ولا تذوب في التيّارات والمدارس الفكريّة المعارضة، وبعيدة عن كلّ ما يورث الخلل والضعف والوهن فيها. قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 146)، في هذه الآية موعظة واعتبار وتشويق للمؤمنين بأن يأتمّو بهؤلاء، وهذا ما جسّده المؤمنون الذين كانوا مع الإمام الحسين(عليه السلام) في معركة الطفّ حيث خاطبهم الإمام الحسين(عليه السلام) ليلة العاشر من محرّم: «ألا وإنّي أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً وإنّي قد أذنتُ لكم، فانطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم منّي ذِمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً خيراً، و تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم، فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولو أصابوني لذهلوا عن غيرى»(2). فرفضوا جميعهم التخلّي عنه (عليه السلام) وقاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون، وقد عُبِّر عنهم في إحدى الزيارات : «السلام عليكم أيّها الربّانيّون، أنتم خيرة اختاركم الله لأبي عبد الله(عليه السلام) «(3). إنَّ الأمّة التي تتّبع منهج الإسلام وتعتقد بعقيدة الولاية لا تعيش التيه والضياع؛ لأنّ الإسلام منهج إلهي لتكامل البشريّة، ولتعجيل ظهور إمامنا(عجل الله تعالى فرجه الشريف) علينا أن نتكامل لنكون ربّانيّين كأصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) وإلّا سيطول انتظارنا. ................................ (1) بحار الأنوار: ج98، ص341. (2) الإمام الحسين(عليه السلام) من الميلاد إلى الاستشهاد: ص189. (3) بحار الأنوار: ج98، ص341. الاسئلة س1: اذكري آية قرآنية تقرّ بوجوب وجود الإمام في الأمّة. س2: اذكري ثلاثة أسماء من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) من الذين استشهدوا في معركة الطفّ. أجوبة موضوع (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) ج1/ قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَامًا)/ (الفرقان:67). ج2/ المرتكزان الأساسيّان هما: 1- القرآن الكريم. 2- أئمة أهل البيت(عليهم السلام).