رياض الزهراء العدد 160 لحياة أفضل
القِصَصُ في الصِّغَرِ كَالنَّقشِ على الحَجَرِ
الأطفال صفحات بيضاء نحن من نخطّ عليها ونُملي سطورها، إمّا أن نمليها عليهم بحروف بيضاء متلألئة، أو نطبع أحرفاً سوداء قاتمة، فإنّ مَن يزرع قمحاً يحصده، ومَن يزرع شعيراً لا يقطف عنباً، وهذا كلّه مرهون بتربية الأبوين للأبناء، وتنشئتهم التنشئة الصالحة هي الأساس في تكوين شخصيّة الطفل. فالطفل يحتاج إلى التربية مثلما يحتاج إلى الطعام والشراب، يحتاج إلى المرشد الذي يرشده إلى طريق الصواب، ويُجيب عن جميع أسئلته بالصورة الصحيحة، ولا يوجد أحد يشغل هذا المكان أفضل من الأمّ، فهي المُلهم الأوّل لطفلها. وفي ظلّ التطوّر الإلكترونيّ الكبير الذي اجتاح مرافق الحياة جميعها، وغيّر مفاهيم كثيرة، منها تربية الأطفال حتّى أصبح الآيباد هو الملهم الطفل الذي يلتجئ إليه عندما يكون لديه سؤال بدلاً من الذهاب إلى والدته، سيكون ما يتلقّاه من الجهاز اللوحي بحسب المضمون الذي يشاهده. هذا التحدّي أدّى إلى مواجهة الأمّهات لصعوبات كبيرة في التواصل مع أطفالهنّ، خاصّة إذا كان الطفل عنيداً ولا يستمع إلى كلام والدته، لذا عليكِ أيتّها الأمّ أن تختاري أفضل الطرق التي تقرّبكِ إلى صغيرك، والتربية عن طريق القصّة هي من أهمّ طرق التربية والتوجيه للأبناء، والغاية من هذا الأسلوب تنمية المهارات التعليميّة لطفلكِ بصورة محببّة وجميلة. فالطفل يميل إلى القصص؛ لأنّ لديه حبّ الاستطلاع، والقصّة تُشبع فضوله لاكتشاف العالم من حوله، فالأطفال لديهم مخيّله واسعة تستطيعين ملء هذه المخيّلة بأفكار ذات فائدة وأبطال حقيقيّين؛ ليكونوا قدوةً يحتذى بها بدلاً من قصص الأجهزة اللوحيّة التي يتفرّج عليها قبل النوم، كوني أنتِ قصّته وارجعي إلى قصص قبل النوم التي كانت تقصّها والدتك عليكِ. اغرسي القيم الإيجابيّة في طفلكِ، وانسجي له شخصية تحمل القِيم والأخلاق يحبّها صغيركِ ويتعايش معها، عن طريق ذلك غيّري عاداته السيّئة بنحو هادئ، مليء بالمتعة والمغامرة التي سيعيشها خلال سردكِ للقصص. اختاري القصص التي تناسب عمر طفلكِ، فالطفل دون سنّ الخامسة يحبّ قصص المغامرات، ارسمي شخصيّته الخياليّة وَفق أهوائه ورغباته، وقوّمي سلوكه اليومي بسرد قصّة قبل النوم عن طريق مراقبة أفعاله الخاطئة التي لا يرغب بتغييرها، واجعليها حديث قصة ما قبل النوم، وقصّي له كيف تعاملتْ شخصيّته الخياليّة مع تلك العادة الخاطئة، وستلاحظين مع مرور الوقت تلاشى تلك العادة السيّئة. وهكذا كلّما كبُر في السنّ كلّما تغيّرت قصصكِ له وأصبحت تحاكي مرحلته العمرية، انقشي العقائد والثقافة الإسلامية في طفلكِ بسنّ مبكّرة، وبطريقة محبّبة، فهذا شيء مهمّ ومفيد لصغيركِ، وكوني المرشد الذي يلتجئ إليه. إنّ الأسلوب القصصي في التربية هو أسلوب فعّال وله تأثير كبير في سلوك الإنسان، وخير دليل على ذلك هو الأسلوب القصصي في القرآن الكريم الذي يُعدّ من أكثر الأساليب تأثيراً في النفوس، وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)/(يوسف الآية: 111).