رياض الزهراء العدد 160 لحياة أفضل
المَرأَةُ الصَّابِرَةُ
الحوراء زينب(عليها السلام) ابنة عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وبنت فاطمة الزهراء(عليها السلام) والأخت الشقيقة للإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام) الملقّبة بـ (زينب الكُبرى، وعقيلة الهاشميين). بعد أن قُتِل أخوها وسائر رجال عائلتها، ومنهم ولداها في واقعة الطفّ بكربلاء قاموا بسبيها، ومن معها من النساء، فكانت تتحمّل مسؤولية الأيتام والأرامل. في بعض المناطق التي مرّ بها السبايا استقبلهم أهلها متألمين وباكين لما جرى عليهم، ولكن في مناطق أخرى استقبلوهم بالشماتة والاستهزاء. طافوا بهم في البلدان إلى أن وصلوا إلى الشام وفي أيديهم الأغلال والسلاسل، وكان سبي بنات الرسالة من كربلاء إلى الكوفة جنوباً، من بعدها شمالاً إلى تكريت والموصل، ثم غرباً عبر جبل سنجار، ثم منطقة الجزيرة في الشمال السوريّ، وبعدها إلى حلب، ثم حماة، ثم بعلبك في لبنان وصولاً إلى دمشق في سوريا، يقول (أبو مخنف): "إنّهم مرّوا بهم بمدينة تكريت، وكان أغلب أهلها من النصارى، فلمّا اقتربوا منها وأرادوا دخولها اجتمع القسّيسون والرهبان في الكنائس، وضربوا النواقيس حزناً على الحسين وقالوا: إنّا نبرأ من قوم قتلوا ابن بنت نبيّهم، فلم يجرؤوا على دخول البلدة، وباتوا ليلتهم خارجها في البرّية، وهكذا كانوا يُقابلون بالجفاء والإعراض والتوبيخ كلّما مرّوا ببلد من البلدان".(1) على الرغم من كلّ هذا العناء إلّا أنّهم عندما وصلوا إلى قصر يزيد كانت السيّدة زينب(عليها السلام) تلك المرأة القويّة الشامخة، كانت كاللبوة المجروحة، على الرغم من آلامها إلّا أنّها تكلّمت بفصاحة أبيها، وكانت كالطير الذي يحمي أولاده بجناحيه. فكانت الأنموذج الأمثل للصبر والتضحية والفداء، وقوّة الإيمان والثقة بالله والرضا بقضائه. ............................................. 1- السيّدة زينب(عليها السلام) رائدة الجهاد في الإسلام: ج4، ص9.