جَودَةُ المَناهِجِ العِلمِيَّةِ في الجَامِعَاتِ

م.د خديجة حسن عليّ القصير/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 259

التعليم الجامعي يعدّ الركيزة الأساسيّة لأيّ بلد من بلدان العالم، سواء المتقدّمة منها أو النامية، فهو مقياس لتقدّم البلدان وازدهارها؛ لذا نجده يحظى بمكانة متميّزة في الدول العربيّة والأجنبية، والكثير من الجهود تهدف إلى تطويره وتحسينه بشكل مستمرّ لزيادة كفاءته من أجل تحقيق الأهداف المرجوّة، وقد بدأ الاهتمام به قديماً في الدول المتقدّمة التي قطعت أشواطاً متقدّمة كان آخرها تطبيق إدارة الجودة الشاملة في التعليم الجامعيّ، ممّا جعل الدول العربيّة والناميّة تقوم بدراسة واقع التعليم العالي والعمل على تطويره عن طريق المؤتمرات والندوات والدراسات ووُرش العمل، وتطبيق إدارة الجودة الشاملة في التعليم الجامعيّ التي تعدّ مدخلاً للتطوير والتغيير الجذري، وتُعرّف الجودة بأنّها: تكامل الملامح والخصائص لمنتج أو خدمة ما، بصورة تمكّن من تلبية احتياجات ومتطلبات محدّدة أو معروفة ضمناً، أو هي مجموعة من الخصائص والمميّزات لكيان ما تعبّر عن قدرتها على تحقيق المتطلّبات المحدّدة أو المتوقّعة من قِبل المستفيد(1). فالنظرة هنا يجب أن تكون شموليّة وتلبّي جميع متطلّبات الجمهور ذوي العلاقة وتطلّعاتهم. والذي يهمّنا هنا هو جودة التعليم، وهي: مجموعة من البنود من المدخلات والعمليّات والمخرجات لنظام التعليم التي تلبّي التطلّعات، ولذلك فالعمليّة التعليميّة تتأثّر بمجموعة من العناصر تتمثّل بالآتي: 1: العوامل المرتبطة بالمعلّم: التي تحدّد مستوى جودة العمليّة التعليميّة في ضوء مجموعة من الكفاءات والمهارات الواجب توافرها في المعلّم، ومنها: (مهارات التخطيط والتنظيم، مهارات الاتصال الشخصيّ، مهارات إيجاد تغذية عكسيّة، مهارات استخدام تقنيات التعليم الحديثة)، وتتمثّل بقدرة المعلّم على تعريف الطالب بالهدف من تعلّم المادّة، وطريقة التقييم المستخدمة فضلاً عن ماهيّة القدرات الواجب توافرها لفهم الموضوع، وتحفيز الطالب إلى استخدام التقنيّة التعليميّة بشكل فعّال. 2: العوامل المرتبطة بالمتعلّم: هناك مجموعة من العوامل الواجب توافرها قبل اختيار تقنيّة تعليميّة معيّنة تتمثّل في: استعدادات المتعلّم، المعرفة السابقة، الدافعيّة الفرديّة، الجهد الذهنيّ المتوقّع بذله. 3: عوامل مرتبطة بنمط العمليّة التعليميّة: هناك نمط تعليم استنباطي يفضّل فيه المتعلّم التقدّم خطوة بخطوة في العملية التعليميّة، ونمط تعليم استقرائي يفضّل فيه المتعلّم أن يبتكر مفاهيمه الخاصّة بعد دراسة العديد من الحالات والنماذج الحقيقيّة وفحصها. وقد سعت معايير الاعتماد الأكاديميّ إلى صناعة البيئة الملائمة للاستخدام الفعّال للتقنيات الحديثة والاعتماد الأكاديميّ العربيّ من قبيل معيار رسالة الكلية، ومعيار المناهج، ومعيار الطلّاب، ومعيار أعضاء هيئة التدريس، ومعيار المساهمة الفكريّة، ومعيار الموارد والمسؤوليّات التعليميّة. مثلما لا يخفى على أحد أنّ المناهج الجامعيّة في معظمها ولمراحل عديدة أصبحت قديمةً قد استهلكها الزمن وهُجِر محتواها فأصيبتْ بالجمود في قبال المعرفة الحاليّة، وتأخذ المشكلة أبعاداً سلبيةً أوسع عندما تجتمع مشكلة المنهج مع التدريسيّ والأساليب التدريسيّة والتقنيّات المتّبعة، والافتراض القائل بأنّ المحاضرين المبدعين يولدون ولا يصنعون هو افتراض مرفوض، فالتدريب والتنمية للتدريسي والبحث العلمي والمشاركة في الندوات والمؤتمرات الداخلية والخارجية مثلما يجب على التدريسيّ أمور لابدّ منها التدريسيّ الاستعداد للمحاضرة، ويكون على مرحلتين: الأولى استعداده للمحاضرة قبل بدئها بتهيئة كافّة المستلزمات المطلوبة من التقنيات المستخدمة، والثانية سَير المحاضرة بشكل نقلات نوعيّة في ضمن فقرات الموضوع؛ لتؤدّي إلى تحقيق الجودة العالية في المجال التعليميّ. .............................................. (1) إدارة الجودة الشاملة في مؤسّسات التعليم الجامعيّ العالي: ص١٠٣.