رياض الزهراء العدد 160 الملف التعليمي
فَنُّ المُواجَهَةِ البَلاغِيَّةِ وَالإقنَاعِ لَدى المُتَعلِّمِينَ
تجاذب أطراف الحديث، وتناغم الحوار في ضمن بادرة تبادل المعلومات بين مجموعتين تمثّل إحداهما رأياً مستقلّاً ومُغايراً للطرف الآخر، وفي الوقت نفسه يتمركز قطب الحوار والمناقشة بشأن قضيّة واحدة ذات مصبّ وهدف واحد ينبثق بأفيائه شعاع المهمّة الصادقة والرأي السديد في ضمن أروقة المؤسّسة التربويّة والتعليميّة لترسم للمتعلّمين خريطة التعلّم النشط والهادف، ويسمّى هذا الشعاع (المناظرة)، وهي إحدى تقنيات التعلّم النشط في المدرسة، وعليه يرتكز هذا المفهوم على محورين أساسيّين هما: القيادة الواعية والبارعة إلى توجيه أعضاء المجموعتيْن المشاركتين في الحوار وإرشادهم، والمتابعة الفعّالة بأسلوب تربويّ ومنظّم، والسعي الحثيث من المشتركين إلى اعتماد المعلومة واستسقائها من مصادرها الموثّقة والمدروسة من أجل تحقيق الهدف المنشود لاكتساب مهارة جديدة والاطّلاع على المعارف المتنوّعة. والهدف من إقامة تلك اللقاءات هو رفد المتعلّمين بالثروة الفكريّة واللغويّة، وتنمية روح الإبداع والتفكير، واستنباط الحقائق، وحبّ الاستكشاف والتحليل، والإلمام المتكامل بجوانب متعدّدة تخصّ المجتمع والطبيعة والثقافة الفقهيّة ومكارم الأخلاق واحترام الرأي والرأي الآخر في ضمن إطار تربويّ قائم على التشجيع، وغرس الثقة والمصداقيّة، والإيمان بالقدرات والطاقات الكامنة لدى التلاميذ، فتنمو لديهم مهارة الاستماع الجيّد، والابتعاد عن التعصّب، وتقديم الأدلّة والحجج العقلانيّة، وصياغة القرار بشكل سليم، وإبداء وجهة نظر صحيحة مستمدّة من المنهج الدراسيّ المقرّر، وقضايا تربويّة أخرى، تسعى إلى إعداد جيل قادر على نقل المعرفة وتدوين الملاحظات، والتمرّن على إعداد بحوث علميّة والاشتراك في العمل الجماعي، ورفع مستوى قدرة التحدّث والتعبير باختيار ألفاظ ملائمة تنبع أصالتها من رونق لغة القرآن ألا وهي اللغة العربيّة، وغرس القيم السامية لدى التلاميذ، منها الانتماء إلى الوطن والاعتزاز به، وحبّ المدرسة والأصدقاء، واحترام العلم والعلماء، وتعدّ إقامة المناظرات من الأساليب المفيدة لمعالجة عيوب النطق والتلعثم في الكلام لدى بعض التلاميذ عن طريق التواصل واللقاء المباشر، وتعويدهم على إدارة النقاش بموضوعيّة والتجرّد من الانطباعات الخاصّة والمغلقة، حيث تعمل تلك الإدارة على إضافة المتعة، والتحلّي بالإرادة، واتّساع دائرة المعرفة التي تتّسق مع الجهد العقليّ المبذول من قِبل المتسابقين. وهناك خطوات تسبق إجراء المناظرة من قِبل الطرفين منها:- 1. ينبغي على الطرفين أن يتّفقا على اختيار قضيّة وموضوع معيّن ليتمّ تداوله في أثناء المناقشة. 2. تحديد وقت بدء المناظرة، والمدّة الزمنيّة التي تستغرقها في الطرح، واستخلاص النتائج. 3. عدم مقاطعة أيّ طرف للطرف الآخر، ومنحه الأحقيّة في الإجابة والردود. 4. التزام المحكّم بالرأي المُحايد والعادل، وتجنب التحيّز، وعدم الميل إلى مجموعة على حساب المجموعة الأخرى. 5. عدم تكرار المعلومة والآراء إلّا إذا اقتضت الضرورة، وطُلب من أحد الأطراف إعادتها، وذلك لعدم استيعاب ما تمّ تقديمه آنفاً. وفي الختام يقوم رئيس المناظرة بالتعقيب على كلّ الآراء لإثارة روح المنافسة الحرّة والنزيهة بين المشتركين.