الحَشدُ... هُوِيَّةُ وَطَنٍ

سلوى أحمد السويدان/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 146

الوطن هويّة السماء، هو ذلك المُرقّنُ بخرائط الكرامة، وحدود الحبّ.. وثمّة شواطئ من الإيمان مترامية الأطراف حسبُها أنها مواقيت بحرٍ لا تُغيّر صدى جماله الأمواج، ولا تترك بصمة اسوداد على جبينه رياح الشؤم مهما بدت عاتية.. ولأنّكَ يا عراق وطن المجد المسطّر في محافل الخلود، سيبقى من شجرة الآباء العلويّة ذلك الغصن الأخضر الذي نهل من منبع الحسين(عليه السلام) صبر التحدّيات، ومواجهة الهزائم.. الحشد المقدّس سليل تلك الشجاعة العلويّة وبهاء آثاره المكنون طُهراً في راية ولائه الخالص.. يُبهركَ اسمه المطرّز بالعشق وكأنّ القمر يستعذب الإطراء من شفاه الهاتفين به.. والشمس تغزل خيوط الغيرة من نهر عكف دهراً على أغنية الكفوف الساحرة بعطائها، والباذلة كلّ الحبّ على ضفاف الدم الذي حسم معركة التاريخ.. الحشد فرع من لامة حرب استقت من رمح الحقّ آيات الدفاع الكفائي، وارتدت من صرخة زينب(عليها السلام) عباءة الشهادة.. لهم باع في حبّ الوطن حيث جمعوا شتات أطرافه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بعدما دنّست أرضه ثلّة الغدر السوداء، وهتكت حرمة الديار، فجهّزوا مآذن الصلاة فوق فوهات المدافع، وحملوا راية العباس(عليه السلام) على متون الدفاع الكفائي الذي افترضه الله(سبحانه وتعالى) في قرآنه.. إنّهم ذراع الوطن المحامي في كلّ مأزق، وجدار الأمان لعواصف تحمل ضغائن عقدية متوارثة تهبّ بين الفينة والأخرى.. الحشد هو الدرع المتين لخريطة الأرض المقدّسة ونسمة الأمل لنخيل الحياة المسترسل، دفئاً سرمدياً من وجل عبورهم تحت ظلاله الوارفة.. يفترشون سجّادة الحرب لصلاة اليقين.. ويأكلون خبز الشجاعة لينمو الإنسان حرّاً.. إنّهم أبناء العراق الذي أبى إلّا أن يستمرّ بإنجاب الأبطال مهما طالت به السنين.. فكربلاء ابنته الأبيّة، والنجف عضيده الأشمّ..