رياض الزهراء العدد 160 منكم وإليكم
وَتَسِيرُ السَّفِينَةُ بِهِم
أمر الله(سبحانه وتعالى) عباده أن يتوسّلوا وينيبوا إليه بالاستغفار، ويلجؤوا إليه في كلّ نائبة من نوائب الدهر، وفي قضاء حوائجهم المستعصية، بقوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)/(الإسراء: آية57)، ويدعو عباده المؤمنين بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)/(المائدة: الآية: 35)، ثمّ بيّن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) الوسائل التي يتوسّل بها إلى الله(سبحانه وتعالى)، وأبرزها حبّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وذرّيته(عليهم السلام)، وإقامة مجالس العزاء على الحسين الشهيد(عليه السلام) والبكاء عليه، فهم الوسيلة إلى الله؛ بهم يُنزل الغيث وبهم يُردُّ البلاء والوباء، فلا عجب بعد ذلك أن نرى المؤمنين يقيمون العزاء في دورهم طلباً من الله(سبحانه وتعالى) شفاعة أهل البيت(عليهم السلام) لدفع وباء (كورونا) المستجدّ الذي اجتاح البلاد، لأنّ ببركة هذه المجالس يُدفع الضرر وتنجو العباد. فإذا كان المؤمن بريئاً من الذنب، فهذه الوسيلة ترفع درجته وتزيده نوراً على نوره، وإن كان مرتكباً لبعض السيّئات والذنوب فببركة هذه الوسائل يغفر الله(سبحانه وتعالى) ذنبه ويرفع شأنه ويتجاوز عن خطيئاته. ولاشكّ أنّ الله(سبحانه وتعالى) قد أبدع هذا الكون على نظام دقيق لحكمة هو أعلم بها(سبحانه وتعالى)، ولا بدّ من أن تعتريه اضطرابات وتغيّرات بين الحين والآخر، وهي علل طبيعيّة جعل في مقابلها عللاً غيبيّة لدرئها، ومن أبرزها شفاعة أهل بيت الرحمة(عليهم السلام)، والدعاء والصدقة، فإذا كان للصدقة مثلاً هذا التأثير العظيم، فكيف لا يكون لآل البيت(عليهم السلام) هذا الأثر البالغ في دفع العلل والآفات والأوبئة، وكلّ ذلك بإرادة الله(سبحانه وتعالى)؛ فهو مَن جعل هذه الأسرار الغيبيّة، ودلّنا عليها للأخذ بالأسباب. ولا ننسى فضل زيارة (عاشوراء) فهو أعظم من أن يُحيط به إنسان، فهي من أشهر الوسائل لدرء البلاء ومنع الوباء، وقد حضّ عليها العلماء الأعلام، وأكّدوا على ضرورة المواظبة عليها لدفع الآفات وطلب الحاجات، والقصص والروايات تكاد لا تعدُّ ولا تُحصى بشأنها، ننقل منها على سبيل المثال لا الحصر ما ذكره العلّامة (الشيخ حسن فريد الكلبايكانيّ)، وهو من علماء طهران نقلاً عن أستاذه (آية الله الشيخ عبد الكريم اليزديّ الحائريّ) قوله: كنتُ أزاول تحصيل العلوم الدينيّة في (سامراء) عندما أُصيب أهلها بوباء الطاعون، وكان كلّ يوم يموت جمعٌ منهم، وفي أحد الأيام كنتُ في منزل أستاذي (السيّد محمّد فشاركي) وكان من أهل العلم، فدخل (الميرزا محمّد تقيّ الشيرازيّ) وتحدّث عن الوباء، وأنّ الجميع مهدّدون بالموت، ثمّ قال الميرزا: إذا أصدرتُ حكماً فهل هو نافذ أم لا؟ فردّ الجميع: إنّه نافذ ويجب إجراؤه. فقال الميرزا: إنّي أصدر حكماً على جميع المسلمين الشيعة القاطنين في سامراء أن يقرؤوا زيارة عاشوراء من اليوم حتى عشرة أيام، ويهدوا ثواب ذلك للسيّدة نرجس خاتون(عليها السلام) والدة الإمام الحجّة(عجل الله تعالى فرجه الشريف)؛ ليبتعد عنهم البلاء، فأُبلغ الناس، وانشغل الجميع بقراءة زيارة عاشوراء، فتوقّف موت المسلمين بالمرض من الغد(1). وهنا لابدّ من القول: لا عجب ممّا نُقل ويُنقَل، فالأئمة الأطهار(عليهم السلام) هم سفن النجاة والسُبل المُشرعة إلى الله، فبهم يُنزّل الغيث وبهم يُمسك الله السماء أن تقع على الأرض، والإمام الحسين(عليه السلام) أوسع السُبل وأسرع السفن إلى النجاة والفوز بالجنّة. ................................... (1) القصص العجيبة: ص428 ـ 429.