هَـل البَراءَةُ رِزقٌ؟

فاطمة علي الوكيل/ مدرسة نازك الملائكة للمتميزات
عدد المشاهدات : 169

ما أروع الألطاف الإلهيّة التي تحيطني وأنا أقرأ زيارة عاشوراء المباركة التي جعلتُها وِرْدي اليومي ولله الحمد، وذلك بعد أن سمعتُ وقرأتُ عن فضل المداومة عليها عن طريق أئمتنا(عليهم السلام) والعلماء الأعلام، وقد شجّعتني والدتي التي طالما كنتُ أراها تقرأ الزيارة وتنهمر دموعها على وجنتيها... ولكنّني اليوم استوقفتني فقرة من فقراتها، فتعجّبتُ وكأنّني أقرؤها لأول مرّة، فعندما وصلتُ إلى جملة: "ورزقني البراءة من أعدائكم"، قلت في نفسي: وهل البراءة من أعداء آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) رزق من الله(سبحانه وتعالى)؟! بدأتُ أبحثُ عن معنى البراءة فوجدتُ أن لا ولاية من دون براءة، وأنّ الولاء والبراءة وجهان لقضيّة واحدة.. ويصدق الإنسان في الولاية بقدر ما يصدق في البراءة؛ وذلك لأنّ الولاء لا يكلّف المؤمن الكثير من العناء، وأنّ أكثر ما يصيب المؤمن من أذى وتعب يكون في أمر البراءة، فمن الممكن أن يجامل الإنسان كلّ أحد ويعيش بسلام، ويتجنّب الصِدام مع الجميع، ولكنّه لا يستطيع أن يرتبط بمحور الولاية الإلهيّة على وجه الأرض، فهو لا يستطيع أن يحبّ ويبغض ويرضى ويسخط بصدق؛ لأنّ الصدق في التعامل والموقف من الأحداث، والقوة والحريّة والصراحة في المواقف لا تتمّ من دون ولاء، والولاء لا يتمّ من دون براءة، والأخيرة تكلّف الإنسان الكثير في علاقاته الاجتماعيّة، وصِلاته في المجتمع، وفي راحته وعافيته، وهذه الحقيقة من ورائها حقائق كثيرة، فإنّ البراءة ضريبة الولاء، والتعب والعناء والأذى ضريبة البراءة، وهذه ضريبة أجراها الله(سبحانه وتعالى) عن طريق سننه في حياة الإنسان، ونتيجة لذلك نرى أنّ الحدّ الفاصل بين الإيمان والكفر هو الولاية، فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ أوثق عُرى الإيمان الحبّ في الله والبُغض في الله وتوالي وليّ الله وتعادي عدوّ الله.."(1)، فكانت محصّلة بحثي أنّه مثلما تكون الولاية رزق من الله(سبحانه وتعالى) لعباده المؤمنين، كذلك تكون البراءة. ........................................... (1)بحار الأنوار: ج27، ص 57.