رياض الزهراء العدد 160 واحة البراءة
العَقلُ السَّلِيمُ في الجِسْمِ السَّلِيمِ
جاء المساء وحان وقت العشاء، جلسنا أنا وعائلتي إلى مائدة الطعام، ننتظر قدوم جدّي، لقد تعلّمنا أنّ للطعام آداباً يجب أن نحترمها، جلس جدّي متبسّماً يشمّ رائحة الطعام الزكيّة، وابتدأ الطعام بقول: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنعم علينا بنِعمه كلّها ومنها هذا الطعام، يا أولادي قولوا: بسم الله، وابدؤوا الطعام. لكن أخي إبراهيم لم يهتمّ لهذه الآداب ولم يقل: بسم الله، وراح يتذمّر من نوع الطعام قائلاً: ما هذا الطعام يا أمّي؟ لماذا تحضرين لي البطاطس والخضار المسلوقة، وعصير الفواكه؟ فأنا لا أحبّها، وتعلمين أنّي أحبّ المعكرونة الجاهزة والمشروبات الغازيّة. نظر جدّي إلى أخي إبراهيم قائلاً: ألا تُريد أن تكون قوي البدن يا إبراهيم ولا تمرض أبداً؟ قال إبراهيم: نعم يا جدّي، لكنّني لا أحبّ هذا الطعام. قال جدّي: أولاً: إنّك خالفتَ آداب الطعام وابتدأتَ بالأكل قبل قول: بسم الله، وصرختَ بوجه أمّكَ، وتذمّرت من نوع الطعام، وهذا مخالف للآداب، وأنتَ تقول بأنّكَ تريد أن تُصبح قوياً ولا تمرض، فكيف ذلك وأنتَ ترفض الطعام الصحّي الذي أعدّته لكَ والدتكَ؟ ذلك الطعام الذي سيقوّي بدنكَ، وسيمدّكَ بالطاقة لتكون قوياً ونشيطاً، وأنتَ تريد أن تأكل المعكرونة الجاهزة التي تحتوي على أملاح عالية لا تصلح لمثلِ عمركَ، وتريد المشروبات الغازيّة التي لا تحتوي على أيّة فائدة غذائيّة لبدنكَ، ولا تريد العصير الذي يحتوي على فيتامينات كثيرة، يا إبراهيم ليس بالضرورة أن نأكل ما نحبّ؛ بل يجب أن نبحث عن ما هو مفيد لصحّتنا ونأكلهُ، الطعام الصحّي ينتج جسداً قوياً، فالعقل السليم في الجسم السليم، والغذاء السليم يساعد العقل والجسم على أن يظلّا سليمين ويتمتّعان بالصحّة والعافية، ومن ثَمّ يتبعه التفكير السليم والإدراك، فهل أدركتَ خطأك يا إبراهيم؟ قال إبراهيم: نعم يا جدّي أدركتُ وتعلّمتُ، وأنا أعتذر ممّا بدر منّي، وسأحرص كلّ الحرص على أكل ما تقدّمه والدتي من طعام من دون تذمّر.