أصْحَابُ الحُسَينِ(عليه السلام): القِمَمُ الشَّامِخَةُ والكَواكِبُ الخَالِدَةُ
اختلفت ألوانهم وألسنتهم ومنبعهم، فكان منهم السيّد في قومه والعبد المولى، والعربيّ والأعجميّ، الصغير والكبير، لكنّ قلوبهم كانت متشابهة تنبض بتصديق الحقّ والوقوف معه، كانت أعينهم تتّجه صوب الإيمان المطلق والحقّ الواضح والشمس الساطعة فاختاروا الشهادة بدلاً من حياة الذلّ والهوان، اختاروا حسيناً الذي كان يمثّل الحقّ والامتداد الطبيعيّ لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، تذوّقوا الشهادة واشتاقوا إلى ريح الجنّة، فكانت صلابتهم تزداد أمام الطاغوت والجبروت الذي تمثّل بجيش يزيد، لقد رأى أصحاب الحسين(عليه السلام) الجنّة ماثلةً أمامهم واستنشقوا عطرها، ودنت منهم أنهارها فتسابقوا إليها، وكانت الشهادة بين يدي إمام المتّقين هي الباب والممرّ للوصول إليها، فما كان للسيوف التي قطَّعتهم ألمٌ ولا لظمئهم نارٌ في أفئدتهم، فالوقوف مع الإيمان ضدّ الكفر، والحقّ ضدّ الباطل، قد منحهم الكثير من الشجاعة والصلابة ليقتل الواحد منهم مائة من أصحاب الخسّة وأهل الباطل، حتى كان أحدهم لا ينال الشهادة حتى يقتل من جيش يزيد ما لا يُعدّ ولا يُحصى، فيهجم الجيش كلّه ليقتل فارساً مقداماً واحداً من أصحاب الحسين(عليه السلام)، فكانوا أنجماً تهوي إلى الأرض لترسم لنا أجمل صور التضحية والإيمان الراسخ بالحقّ، والجود بالنفس من أجل قائدهم وإمامهم سيّد الشهداء(عليه السلام)؛ ليكونوا أحراراً في الدنيا وينالوا أسمى درجات الشهادة في الآخرة، فأصحاب الحسين(عليه السلام) كانوا جزءاً من النهضة الحسينيّة، والعقيدة الراسخة والمبادئ السامية، قد شيّدوا بدمائهم الزاكية ركن الإيثار والتضحية والفداء من أجل كلمة الحقّ وإمام الحقّ، فكانوا هم الفائزين والخالدين أبد الآبدين، فأصبحوا أنجماً ذات توهّج سرمديّ إلى يوم يُبعثون.