رياض الزهراء العدد 160 أروقة جامعية
كَيفَ أَشتَري السَّعَادَةَ؟!
السعادة بصفة عامّة هي الرضا التامّ بما تناله النفس من خير. ويختلف مفهوم السعادة بحسب احتياجات كلّ إنسان، فهناك مَن يجدها في المال، وبعضهم في وجود الأبناء بينما البعض يجدها في الصحّة. فبالعقل يستطيع الإنسان أن يصل إلى أعلى مراتب السعادة إذا استخدمه الاستخدام الأمثل. تتعدّد مفاهيم السعادة، وغالباً ما تُدخل هذه المفاهيم السرور إلى القلوب بصفة مؤقّتة، فالإنسان الذي يجد سعادته في المال تنتهي سعادته متى ما انتهى ماله، والشخص الذي يستمتع بوجود أبنائه سيشعر بالفراغ متى ما ابتعدوا عنه. إذن متى تحصل السعادة الحقيقية؟ السعادة الحقيقيّة هي الإيمان بالله إيماناً قوياً والتوكّل عليه في كلّ ما يصيبنا من هموم الدنيا، فذلك يجعلنا نشعر بالسعادة الإيمانيّة. كيف نحصل على السعادة الدنيويّة؟ هذا السؤال يدفعنا إلى البحث عن مفاتيح السعادة؟ فمن الطبيعي أنّه لا يوجد متجر لبيع السعادة، ولكن مصدر السعادة هي النفس البشريّة. فالسعادة الحقيقية أن نفهم القرآن فهمًا صحيحًا؛ لأنّه يحتوي على المبادئ الأساسيّة للسعادة البشريّة. فليس المال والأولاد هم سبب إدخال الفرحة إلى قلوبنا، ولكن هناك الكثير من الأشياء تُدخل السعادة بأضعاف ما تدخله الأشياء الماديّة. مفاتيح السعادة المتنوّعة هي بيد الإنسان نفسه. فيستطيع أن يعيش سعيداً إذا ما كان قانعاً مرتاح البال، لا يحمل في قلبه غِلًّا أو حقدًا على أحد. وأوّل مفاتيح السعادة تكمن في العناية بالوالدين، وإدخال السرور إلى قلبيهما، خاصّة بعد أن يبلغا من العمر مبلغاً ما يجعلهما بحاجة إلينا. وهذا ما أكّده القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)/(الإسراء، الآية:23). ولكَ أن تتخيّل مثلاً، ضحكة اليتيم وأنتَ تمسح على رأسه وتمازحه، ثم تُنهي زيارته بهدية بسيطة ترسم الابتسامة على شفتيه، أو فرحة محتاج سلّمته ملابس نظيفة مرتّبة زهدتَ أنتَ فيها ليلبسها هو في يوم العيد، أو جمعتَ له مبلغاً استطاع بهِ علاج ابنه الصغير. ألا تجعلكَ هذه التخيّلات مبتسماً؟ ومجرّد رؤيتكَ للأمّ وهي تدعو لكَ بالخير والتوفيق، والأطفال من حولها ينظرون إلى الطعام بدموع الفرح يجعلكَ تشعر بالقشعريرة في جسدكَ وتشعر وكأنّ الأرض لا تسعكَ من الفرحة. تخيّلكَ لفرحة شخص مظلوم ودموعه كنتَ أنتَ سببًا بعد الله(عز وجل) في مساعدته لإرجاع حقّه، يجعلكَ تبتسم حقًّا. لو دخلتَ دار المسنّين وبيدك ورود، وجلستَ معهم تضحك وتتجاذب معهم أطراف الحديث الذي حتماً سينتهي بدعائهم الخالص لكَ، سيبهجكَ بهجة لم يسبق لكَ الشعور بها. لو قُدِّر لكَ إنقاذ طفل -بعد مشيئة الله تعالى- من موت، ورأيتَ فرحة أهله برجوع ابنهم ودعواتهم لكَ، ستشعر حتماً بالرضا. كلّ هذه الأحاسيس والمشاعر تُدخل الفرحة إلى قلبكَ وتجعلكَ تشعر بالسعادة التي كنتَ تبحث عنها. إذن نصل هنا إلى طريق السعادة، حيث يبدأ أوّلاً باللجوء إلى الله تعالى، وتطبيق ما فرضه علينا من عبادات، ثمّ فهم القرآن فهمًا صحيحًا، فهو يدلّنا على طرق السعادة الحقيقيّة التي منها: إسعاد الآخرين عن طريق التخفيف عنهم في الأزمات، وتقديم المساعدة الماليّة للأُسر المحتاجة، وإدخال الفرحة إلى قلوب الأيتام والأرامل، والابتعاد عن ظلم الآخرين، وقول الحقّ ولو كان به ضرر عليكَ. الابتسامة وإبداء السعادة عند مساعدة مَن يحتاج إلى مساعدة سواء في الطريق أو المستشفى أو أيّ مكان آخر، والمبادرة في البحث عمَّن هم بحاجة إلى مَن يُعينهم في الحياة مثل المسنّين والأيتام والأسر الفقيرة.