فِتْيَةُ الانتِظَارِ

منتهى محسن محمد/ بغداد
عدد المشاهدات : 181

قال تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً)/(الكهف، الآية: 10). المتمعّن في هذا النصّ القرآنيّ الشريف تنتابه الأسئلة وهي تدور في فلك المعرفة : هل كان أهل الكهف فتية بعمر الشباب مثلما يُطرح المعنى اليوم؟ وهل كلّ شاب هو فتى، أم الأمر أوسع من ذلك؟ وهل ورد ذكر الفتية في آيات أخر؟ عند المتابعة وجدنا أنّ المفردة لم تختصّ بهذا العمر فحسب، بل وردت في موارد شتّى، ودلّت على أن ليس كلّ شاب هو فتى، بل يتحتّم إلحاق البلوغ والتدبير والعقل به، وهكذا أطلق لفظ فتى على كلّ من اتّصف بالخصال الكريمة وإن لم يكن في عمر الشباب، كقوله تعالى: (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)/(الأنبياء، الآية: 60)، وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ)/(الكهف، الآية: 60)، وقال تعالى: (فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)/(النساء: الآية: 25). وهذا يوسّع مجال التدبّر وقدح الأفكار حيث تنهال الأسئلة من جديد: هل يمكن أن نشارك كأولئك الفتية في نصرة الدين في كلّ مواقع الانحراف، وننفتح انفتاحاً يهيّئ لنا من أمرنا رشداً؟ فتية الكهف لم يكونوا أنبياءً أو أئمة، بل عباداً تاجروا مع الله فقُبلت تجارتهم، فهل جاهدنا لِنلحق بركبهم؟ وهل سننصر غائبنا الموعود(عجل الله تعالى فرجه الشريف) بالعمل والمجاهدة، ونعمل على تعجيل الظهور؟ جاء في حديث له (عجل الله تعالى فرجه الشريف): "ولو أنّ أشياعاً وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل"(1). إذن السباق جارٍ.. والعمر قصير.. والحَفَظَة يكتبون.. فهنيئاً لمـَن عاش عمر الفتيان ورسم طريق الآخرة بفرشاة الصبر والمثابرة. .................................... 1- الاحتجاج للطبرسيّ: ج49، ص9.