حِوَارٌ مَعَ الرَّيَاحِينِ مَجَلَّةِ العَطَاءِ وَالمَحَبَّةِ

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 231

تعدّ مجلّة الطفل أداة ثقافيّة تربويّة، وإعلاميّة وترفيهيّة، ولأنّ التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر، كذلك غرس ثقافة القراءة لدى الأطفال، إذ يؤدّي إلى استمرار هذه العادة لديهم، وقد أخذت مجلّة (الرياحين) على عاتقها فتح أبواب الخيال أمام الأطفال وتنمية قابلياتهم اللُغوية وإثراء قاموسهم المعرفي؛ لتنتج جيلاً قارئاً قادراً على محاكمة الأفكار التي من شأنها النهوض بواقع الطفل وغرس القِيم والمبادئ، وتعاليم الدين الحنيف، وتعليمهم سيرة أهل البيت(عليهم السلام)، كلّ ذلك بأسلوب ممتع وسلس ورصين، يتناسب مع عقليّة الطفل وميوله، وانتهجت (الرياحين) محاكاة عقليّة الطفل بطرق حداثوية ومدروسة تجعل الطفل يُبحر في خياله مع كلّ قصة وشخصيّة تحاكيه في المجلّة. في حوار أجرته مجلّة رياض الزهراء(عليها السلام) مع رئيس تحرير مجلّة (الرياحين) التابعة لقسم الإعلام في العتبة العبّاسية المقدّسة الأستاذ عليّ البدريّ، إذ ابتدأ الحديث عن تأسيس المجلّة والهدف منه: البدريّ: أسّست المجلّة سنة 2009م، وبدعم قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة آنذاك، وتخصّصت المجلّة في مخاطبة الأطفال والناشئة، وهاتان الفئتان تمثّلان هدفاً استراتيجياً مهمّاً، فالعمل على ثقافة الأطفال هو عمل لبناء مستقبل مختلف عمّا نعيشه اليوم، خصوصاً ونحن نعيش في أجواء الوابل الإعلاميّ المتنوّع، حيث تزدحم فيه الثقافات والأفكار أمام أبنائنا فلابدّ من وجود صوت ينقل ثقافتنا وأفكارنا إلى أبنائنا، واستحضار الدروس والعِبر من تاريخ أمّتنا الإسلامية التي تمثّل أروع الثقافات في العالم لأنّها نتاج مجموعة كبيرة من الثقافات التي انصهرت في بوتقة الحضارة الإسلامية. رياض الزهراء(عليها السلام): (الرياحين) اسم تجمّلت به المجلّة، لِمَ اخترتم هذا الاسم بالذات؟ وما الفئة العمريّة التي تخاطبها (الرياحين)؟ البدريّ: يمثّل ريحان وأخته ريحانة الشخصيّتين الرئيسيّتين في المجلّة، ومنهما اشتقت اسمها (الرياحين)، وبما أنّ كلّ طفل هو ريحانة والديه، فإنّ المجلّة هي مجلّة لكلّ طفل وطفلة، فضلاً عن ذلك فالاسم جاء تيمّناً بريحانتي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين(عليهما السلام)، وتخاطب المجلّة الأعمار من (5-12) سنة، وهو العمر الذي يغادر فيه الطفل المنزل، ولا يقتصر تعامله مع العائلة فقط، مثلما كان في السابق، ويبدأ بالتعرّف على عوالم جديدة وأصحاب جُدد في الروضة والمدرسة، ويتعامل مع زملاء من العمر نفسه؛ لذلك تركّز مواضيع المجلّة على مبدأ التعايش والتعاون مع الآخرين، وحبّ الوطن ورفض التطرّف. رياض الزهراء(عليها السلام): ما الذي تستهدفه الرياحين عند الأطفال وماذا تنمّي فيهم؟ وهل هناك مرتكزات ثابتة في سياستها تجاه الطفل؟ البدريّ: تحتوي المجلّة على أبواب ثابتة، وأخرى متغيّرة، تقدّم مختلف الفنون والآداب والعلوم إلى الأطفال بلغة شائقة تناسب القاموس اللغويّ والمعرفيّ للأطفال، وتهدف المجلّة إلى فتح أبواب الخيال الواسع أمام الأطفال وتنمّي قابلياتهم اللُغوية، وتُثري قاموسهم المعرفيّ؛ لتنتج جيلاً قارئاً قادراً على موازنة الأفكار وترسّخ فيهم القِيم الأخلاقية والإسلامية السمحة، وتركّز مواضيع المجلّة على التوجّه إلى الله في كلّ الظروف. رياض الزهراء(عليها السلام): محتوى مجلّات الأطفال يتميّز عادة بالتشويق والمحاكاة لمستوى الطفل العقليّ، كيف استطاعت الرياحين الوصول إلى عقل الأطفال وأرواحهم؟ البدريّ: يتمّ اختيار المواضيع بشكل دقيق ومنهجي يعتمد على خصائص الفئة العمرية للأطفال، ويلبّي احتياجاتهم النفسيّة والعقليّة، فيسافر الكُتّاب عِبر الخيال و الزمن ليستحضروا كلّ ما هو جميل وناصع في تاريخنا الإسلامي، وتجنّب كلّ ما يمكن أن يعكّر ذائقة القارئ الصغير، أو يكون خارج اهتماماته. رياض الزهراء(عليها السلام): التجديد سِمة النجاح ومواكبة للتطوّر، ما الاجراءات المتّبعة في تجديد الإصدارات وتحديثها؟ البدريّ: تعتمد إدارة المجلّة على عنصرين رئيسيّين في التجديد، وهما: أولاً الاطّلاع على تجارب الآخرين، والاحتكاك بكبار المتخصّصين فضلاً عن استثمار الإنترنت للاطّلاع على التجارب العالميّة في كلّ مجال من مجالات الكتابة والرسوم المتحرّكة، وثانياً العمل بروح الفريق داخل المجلّة، فالمناقشة الجماعية تطوّر الأعمال، وترفدنا بكلّ ما هو ممتع وجديد. رياض الزهراء(عليها السلام): لابدّ من توافر عدّة أمور لدى الإخوة العاملين في مجلّات الأطفال، ومن المهمّ جداً مراعاة التخصّص في ذلك الجانب، ويعتمد نجاح المجلّة عليهم، هل راعت المجلّة ما ذُكِر؟ البدريّ: المجلّة تعمل وَفق التصنيفات العلميّة للفئات العمرية للأطفال، وتحاكي المستوى الفكريّ لهم في ضمن قاموسهم اللغويّ والمعرفيّ، وتضمّ المجلّة خيرة الكُتّاب والرسّامين والمصمّمين في العراق ويعدّون من الملاكات الفاعلة والمؤثّرة على مستوى الوطن العربي، فما يقدّمه ملاك المجلّة هو نتاج فنّي عالي الجودة، ومن نتاج ملاك المجلّة 100% ولا يستخدمون المواد المتوافرة على الإنترنت، لذلك فإنّ كلّ ما يُقدّم فيها يمثّل إضافةً إلى أدب الطفل في العراق والوطن العربي. رياض الزهراء(عليها السلام): بالنسبة إلى الانتشار والوصول، هل هناك استبيان أو إحصاء لنفاد أعداد المجلّة ووصولها إلى أيدي القرّاء؟ البدريّ: تتواصل المجلّة مع قرّائها عن طريق الزيارات الميدانيّة إلى المدارس، والتواصل المباشر مع الأطفال، إضافة إلى منافذ البيع المباشر الخاصّة بالعتبة العباسيّة المقدّسة، ونعتقد أنّنا لم نصل بعدُ إلى ما نطمح إليه في جانب التوزيع، فأملنا هو الوصول إلى كلّ طفل في العراق، وهذا يحتاج إلى إمكانات دولة وتحشيد جهود العديد من المؤسّسات. رياض الزهراء(عليها السلام): ماذا عن صعوبات العمل؟ البدريّ: لا يخلو عمل في هذه الحياة من صعوبات، ولكن بالشغف والإيمان بالرسالة التي يريد إيصالها العاملون في المجلّة تهون كلّ المصاعب، ويتمّ التغلّب على كلّ العقبات، مرّة بالصبر وأخرى بإيجاد حلول فنيّة وتوافقية للوصول إلى الهدف المنشود. رياض الزهراء(عليها السلام): ما الرؤى المستقبليّة التي تسعون إلى تحقيقها؟ البدريّ: نحن نعتقد أنّنا نسهم في بناء إنسان جديد عِبر ترسيخ المفاهيم الأخلاقية والثقافيّة في هذا الجيل، ونتحرّك وَفق جدول أعمال مُعدّ بعناية شديدة، ففي كلّ مرحلة ننتقل إلى عمل تكميليّ لمشروعنا الثقافيّ الكبير مشروع (الرياحين) الذي يتضمّن المقروء والمسموع والمرئي والإلكترونيّ، مع إنشاء مؤسّسات تعتمد التعليم باللعب كمنهجية لإيصال رسالتنا إلى الجيل القادم. رياض الزهراء(عليها السلام): مع الانتشار الشرس لوسائل الاتصال الحديثة بقيت (الرياحين) محافظة على صدارتها، كيف حقّقت مجلّتكم ذلك؟ البدريّ: تتمتّع المطبوعات برونق خاصّ وحميميّة في القراءة لا توفّرها الأجهزة الذكية، فصوت الورق ورائحة الألوان والملمس المميّز للمطبوع يعزّز انتشار المطبوعات في زمن التقنيّة، مثلما أنّ الطفل كائن حسّي يستمتع بالمحسوسات ويفضّل مسك الأشياء وامتلاكها، وعدم الاكتفاء بمشاهدتها عِبر الشاشة الزجاجية للأجهزة الذكيّة. رياض الزهراء(عليها السلام): هل للموقع الإلكترونيّ نصيب في تحقيق نجاح المجلّة؟ البدريّ: جميع أعداد المجلّة والكتب المتخصّصة يتمّ نشرها على الإنترنت في ضمن (موقع مجلّة الرياحين) مثلما تتوافر هذه الأعداد على موقع (شبكة الكفيل العالميّة)، والكثير من المنتديات العربية والإسلامية تنشر أعداد المجلّة، وبمجرّد البحث عن اسم مجلّة (الرياحين) على محرّكات البحث في الإنترنت ستظهر عشرات المواقع التي تنشر أعداد المجلّة، إضافة إلى صفحة (الفيس بوك) الخاصّة بالمجلّة التي تتواصل مع القرّاء بشكل مباشر، وهذه ثمرة جهود كبيرة ومشكورة يبذلها العاملون على الإنترنت لإيصال رسائل المجلّة. رياض الزهراء(عليها السلام): حبّ العمل سبب في النجاح؛ وإضافة إلى ذلك هناك دوافع لدى الفرد حينما يقدّم عمله، ملاك الرياحين بأيّ روح يقدّم عمله، وخاصّة أنّ المستهدف هو الطفل؟ البدريّ: العاملون في الشعبة هم رُسل محبّة وثقافة وأصحاب هِمم عالية لا تكلّ ولا تملّ من العمل، وهمّهم نشر القِيم الأخلاقيّة والتربويّة في المجتمع، وغالباً ما يكون ذلك واضحاً على تصرّفاتهم النقيّة، والجدير بالذكر أنّ من خصائص العاملين في مجال أدب الطفل هو محافظتهم على براءة الطفل في داخلهم، وعدم الانجرار وراء أهواء النفس ومغريات الحياة. إنّ رعاية الأطفال وإعدادهم للمستقبل حتميّة حضاريّة فرضها التطوّر العلميّ والتكنولوجيّ المعاصر، ولا سيّما التطوّر الذي شهدته وسائل الاتصال، وهذا يضع على عاتقها المسؤولية في طرح الموضوعات المتعلّقة بالأطفال، وتُسهم في توعيتهم ثقافياً، واجتماعياً، وتعمل على تعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، وهذا ما تسير عليه الرياحين وطبّقته على أرض الواقع بطرق حداثوية ترتقي إلى مصافّ المجلّات العالميّة.