رياض الزهراء العدد 79 لحياة أفضل
حَتّى لا يَختَنِقَ الحُبّ
إن ممّا لا يمكن تصوّره عقلاً أن يكون هناك بناءٌ عامرٌ من دون مواد بناء جيّدة، تجعل أجزاءه قوية ومتماسكة، وممّا لا يمكن فرض تصوّره أيضاً أن يكون هناك بناءٌ مهمٌ كبناء أسرة سعيدة من دون رابطة المحبة والمودة؛ ولهذا نجد القرآن الكريم قد أشار إلى هذه الحقيقة : (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)/ (الروم:21)، وقد عبّر عن الحبّ بأجمل وأرقّ تعبير وهو المودة والرحمة، وهذان المفهومان مصاديقهما الواقعية هي أفعال تترجم هذه المفاهيم من كلا الطرفين وليسا مجرد أقوال. فلا يمكن لزوجين يعيشان معاً، أحدهما يعيش ليعطي، والآخر يعيش ليأخذ فقط؛ لأن كلّ فرد يحب أن يشعر بفطرته أنه مهم ومحبوب من الآخرين، خصوصاً شريك حياته، فحتى ينمو الحب ويعيش ويصل إلى درجة المودة والرحمة لابدّ من توفير الوضع الملائم والمناسب لنموه. إن بعض التصرفات من الزوجين قد تقتل الحبّ من دون أن يشعرا بذلك، فبعض الزوجات كلّما دخل الزوج ذكرته بمقدار تعبها في المنزل وظلت تسرد له مشاغبات الأطفال في غيابه، أو كلّما دار الحديث بينهما ذكرته بتضحياتها ومقدار عطائها في سنوات حياتها معه أو أن بعض الأزواج حينما يدخل البيت يدخله عبوساً لا يكلّمه أحد تعبيراً منه عن مشاق العمل، وكأنه يُحمّل هذه الزوجة والأطفال مسؤولية تعبه في العمل، وأن إنفاقه الذي أوجبه الله تعالى عليه هو منة منه عليهم. والحقيقة أن الزوجين يقبضان أجراً في مقابل هذا التعب كما أشارت أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناطق عن الله (سبحانه وتعالى) في أجر كلّ منهما على تعبه من أجل بناء الأسرة. فيا مَن تعيش مع طرف آخر يحتاج منك الحب لا تمنّ عليه حينما تعطيه الحب، فالمنّ يخنق الحب. وإن ابتسامتكِ أيتها العزيزة عند دخول زوجك المنزل تمسح عنه تعب العمل، فهذا العمل يجعلكِ عاملاً من عمّال الله (عز وجل) في الأرض، وأن دخول ربّ الأسرة لبيته وابتسامة الشوق على محيّاه إنما هو دليل على عظمة شخصيته وعلى رجولته.