رياض الزهراء العدد 159 لحياة أفضل
مُذكَّرَاتُ طِفلَةٍ عَنِيدَةٍ
أنا طفلة صغيرة، أودّ أن تسمعوني، نحن الأطفال نمتلك مشاعر مرهفة جداً، ولدينا براءة جميلة، فعندما تلعبون معنا يغمركم شعور براحة نفسيّة كبيرة، وتعيشون حالة فرح، ضحكاتنا تُشعركم بالسعادة ونغمات مناغاتنا تقع على مسامعكم كنسمات هواء عذبة، تصرفاتنا نابعة من قلوبنا ومن حركات عفوية. أنا دائماً أراقب أمّي وهي تقرأ الكثير من الكتب وتتصفّح العديد من المواقع التربوية؛ للتعرّف على كيفيّة التعامل معي، ولأنّني طفلة عنيدة ومزاجي متقلّب، فيوماً تراني مطيعة وهادئة، ويوماً تراني ثائرة ومشاكسة، وأحياناً لطيفة جداً وأسمع كلامها، احتارت أمّي معي وذهبت تسأل من هذا وذاك، وتقرأ كتباً مختلفة عن كيفيّة التعامل مع الأطفال، ولكنّها لم تجد الجواب الشافي الوافي. فالجميع يتحدّث وفق نظريات افتراضية لا علاقة لها بماذا نشعر نحن الأطفال، لذا قرّرتُ أن أكتب عمّا أشعر به حتى أختصر الطريق على أمّي. أعلم يا أمّي كم تتعبين من أجلي، وتسهرين على راحتي، وتبحثين عن سعادتي، وأنا ممتنّة لكِ فلولاكِ لما كنتُ في الوجود، وأحبّكِ جداً؛ ولكن يا أمّاه هناك تصرّفات هي بالنسبة إليكِ غير مهمّة، ولكن تعني لي الكثير، فأرجوكِ أن تعملي بها لكي نُصبح أصدقاء. أنا يا أمّي أشعر بألم كبير جداً عندما أراكِ غير مهتمّة بي، أو مشغولة عنّي، وأشعر بخيبة أمل كبيرة عندما أتحدّث إليكِ ولم تنتبهي على كلامي، أعرف أنّ كلامي بريء وربّما ليس له معنى أو غير مترابط حتى، ولكن هو مهمّ بالنسبة إليّ، ولكونكِ أهمّ مخلوق في حياتي فأحبّ أن أشارككِ أفكاري المشتّتة وغير المترابطة. أمّي: أعلم أنّ الحياة متعبة بالنسبة إليكِ وإلى أبي، فأنتما تتحمّلان الكثير من أجلنا، ولكن أرجوكما عندما تحدث بينكما مشكلة في قضية ما، فتشاجرا بعيداً عنّا، لأنّ هذا الموقف سيبقى عالقاً في أذهاننا، وسيؤثّر كثيراً في نفسيّتنا. أرجوكِ لا توبّخيني أمام صديقاتي، أو أمام الضيوف، أعلم أنّي أحياناً أبالغ في تحرّكي وتكون تصرّفاتي مستفزّة، ولكن أنا طفلتكِ المدلّلة، حاولي أن تمتصّي غضبي، وتتكلّمي معي بلطف، أو تتركيني لأنّه عندما توبّخيني أمام الغرباء سوف أشعر بالخجل، وستقتلين ثقتي بنفسي، ودفاعاً عن نفسي وكرامتي سأصرّ على الخطأ الذي اقترفته، وألتزم عنادي، وأتمادى في صُراخي كي أعيد لنفسي عزّتها. أجل يا أمّاه، أنا أمتلك كرامة وعزّة نفس، وشخصيّة مستقلّة، يجب أن تعرفي ذلك وعليكِ التعامل مع شخصيّتي الفريدة فأنا لا أشبه أختي أو ابنة جيراننا، فلكلّ واحدة منّا أفكارها وشخصيّتها ومن المستحيل أن أكون على غير شخصيّتي، فأنا لا أستطيع أن أكون سوى نفسي. أمّاه كلّ ما أريده منكِ هو النزول إلى مستوى تفكيري، وكسر أيّ حاجز يبعدني عنكِ، ماما افهمي تفكيري واستجيبي لدعوتي عندما أطلب منكِ اللعب معي، فالأوقات الجميلة التي أقضيها معكِ تُغنيني عن أجمل ألعاب العالم، وأكبر مُدن الملاهي، فحضنكِ يا أمّي هو الأمان وابتسامتكِ لي هي الحنان، وكلّما كنتِ قريبة منّي وغمرتني بحنانكِ وحبّكِ ولطفكِ وأعطيتني من وقتكِ للعب والاستمتاع، كنتُ طفلة مطيعة وفتاة هادئة أنفّذ كلّ ما تطلبينه منّي بكلّ هدوء وسلاسة وحبّ، وسأبقى دائماً فتاتكِ المدلّلة، وسأكون دائماً عند حسن ظنّكِ بي. أحبّك يا أمّي.