بِالصَّبرِ تُدرَكُ الرَّغَائِبُ

فاطمة العوادي/ بغداد
عدد المشاهدات : 310

مضت مدة طويلة وهي تكابد من أجل تربية أولادها تربيةً صالحةً.. طالما شعرت أنّها وحدها في مواجهة تحدّيات الزمن.. طلبات الأولاد.. مع العوز.. تتبع أوضاعهم.. قلق مستمرّ، خوف دائم عليهم، لم تُسمع منها شكوى ولا ضجر.. ببصيرتها النافذة لاحظت أمّ حسين على أمّ رضا جارتها المجاهدة الوهن، كأنّ اليأس والإحباط قد اخترق ذلك الجدار الصلب، لذا رتّبت أمّ حسين دعوة خاصّة محاولة أن تفعل هي وبقيّة الثلّة الطيّبة شيئاً يقوّي من عزيمتها ويمنحها الدافع إلى مواصلة مشوارها الشاقّ... - أمّ عليّ: هل تعلمين أنّكِ موضع اعتزاز واحترام لدى جميع مَن عرفكِ بجهادكِ وصبركِ وتحمّلكِ المسؤولية؟؟ - أمّ رضا: يبدو لي أنّها النهاية المؤسفة، تعب بلا نتيجة، (قالتها بيأس). - أمّ حسين: لا سامح الله عزيزتي لقد وضعتِ أساساً قوياً لأسرتكِ، وبإذن الله ستجنين ثمرة جهدكِ عن قريب إن شاء الله.. - أمّ رضا: لقد ثقل الحمل وقلّ الصبر.. تحدّثني نفسي أن أترك الأمور تسير كيفما كان... - أمّ زهراء: لم يبقَ إلّا القليل وستنسين المرارة عند وصولكِ إلى الهدف المنشود إن شاء الله، يقول الإمام عليّ(عليه السلام): "حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر"(1). - أمّ عليّ: لاشكّ في أنّكِ تحمّلتِ الكثير، ولكن ضعي نصب عينيكِ بأنّكِ بصبركِ ستنالين حبّ الله تعالى وعنايته، وهذه آيات القرآن الكريم شاهدة على ذلك، إذ قال تعالى في كتابه الكريم: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)/(آل عمران، الآية: 146)، وهو شرف عظيم لا يناله إلّا القليل.... - أمّ حسين: بل آيات الصبر كثيرة، منها ما تُثني على الصابرين مثلما في قوله تعالى: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)/(فصّلت، الآية: 35)، وأخرى تبشّرهم بالثواب الجزيل: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)/(البقرة، الآية: 146). - أمّ زهراء: ولنا في أهل البيت الأطهار(عليهم السلام) الأسوة الحسنة... ما من أحد منهم إلّا وله مع الصبر حكاية... وكذلك من تَبِع خطاهم أوذوا، شُرّدوا، تجرّعوا المصائب من أجل نصرة الحقّ وإقامة دين الله، ففازوا بالدرجات العُلا عند الله، والحبّ والذكر الحسن عند الناس. - أمّ عليّ: ألا تودّين أن تكوني من المناصرين لإمامنا المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟ - أمّ رضا: (بحبّ ولهفة): عجّل الله تعالى فرجه الشريف سيّدي ومولاي روحي له الفداء... - أمّ عليّ: إذن اجعلي جهادكِ هو تربية أبنائكِ، وتهيئتهم ليكونوا من أنصاره، فكلّ فرد صالح هو مشروع (ناصر للإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف)).. - أمّ حسين: ما يقوّي الصبر ويزيده عندنا هو أن نعيش الأمل.. الأمل في حياة آمنة.. يعمّها العدل والسلام ويشمل العالم كلّه، وليس فقط أمانيّ شخصيّة.... - أمّ زهراء: لو أنّ كلّ واحد منّا استشعر هذا الأمل، وعَمِل على تحقيقه، كلّاً بحسب إمكاناته.. فإنّه سيُدخل السرور على قلب أمامنا المؤمّل(عجل الله تعالى فرجه الشريف).. - أمّ رضا: بقوة الله أشدّ عزمي حتى النهاية. - الثلّة الطيّبة بصوت واحد: واللهُ نِعْمَ المعين. ................................ (1) ميزان الحكمة: ج5، ص166.