فِيروسُ كُورونا وَأَثرُهُ في الوَعيِ الصِّحِي
يتّفق علماء الاجتماع على أنّ الأزمات هي بحدّ ذاتها فرص للتعلّم لما لها من أثر إيجابيّ في المناعة النفسيّة والمجتمعيّة، وهذا يقع على عاتق الأفراد وقدرتهم على تحمّل المسؤولية، من هنا فإنّ الانتشار المؤسف لفيروس كورونا شكّل قلقاً لجميع الناس في العالم كافة، فجاءت التدابير سريعة وفجائية وعلى مراحل، فارضة على الناس الالتزام بها، ونحن بوصفنا متلقّين أصبحنا في دائرة الخطر والمخاوف من حجم الانتشار السريع لهذا الوباء والازدياد بأعداد المصابين والوفيات من جميع الأعمار، وأصبحت حملات التوعية تركّز على أهمية المناعة للجسم عبر ضخّ إرشادات تقوية المناعة، وتحذير الأشخاص الأكثر عرضة للمرض مثل كبار السنّ، مثلما أسهم الحجر الصحيّ المقنّن في ضمن تعليمات محدّدة في تفادي التقاط العدوى، ومن ثمّ الانتشار، وأسهمت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر الوعي بنسبة كبيرة عبر بثّ التوعية واستضافة خبراء موثوق بهم ومتخصّصين بعلم الأمراض الجرثومية والأبحاث الفيروسية والمواكبين لنتائج الدراسات التي تطلقها (منظمة الصحّة العالميّة)، حيث أسهمت بنقل تعليمات المنظمات الدوليّة والوزارات والإدارات الحكوميّة، وأيضاً اللجان التطوعية الموجودة بكثرة في مناطقنا العربيّة وفي العالم، ومن أهمّ هذه الإرشادات التي نشرتها هو التباعد الاجتماعيّ، ومدى خطورة الاختلاط، والتأكيد على أهميّة الاهتمام بالنظافة الشخصيّة والتعقيم ونظافة الغذاء وكلّ ما يتعلّق بمحاربة هذا الوباء والوقاية منه، وأثبتت الدراسات أنّ حملات التوعية تُحدث تغييراً في أنماط حياة الناس وسلوكهم، وتكون أكثر فاعلية إذا تماشت مع الخدمات والتدخّلات المجتمعية التي تخدم الثقافة الصحيّة، وأيضاً كلّما كانت الحملات التوعوية ناجحة وفعّالة بمحتوياتها أسهمت بجذب انتباه الجمهور المستهدف ومن ثمّ إيصال الرسائل سيكون أسرع. من ناحية أخرى إنّ تفشي الوباء يمرّ بخمس مراحل: المرحلة الأولى هي تسبّب الذعر كصدمة أولية، والمرحلة الثانية الدخول في مرحلة الأمان ومواجهة الوضع؛ لأنّ الدفاعات لدينا أقلّ ونحاول ترتيب أمورنا المستجدة إلى أن ننتقل إلى المرحلة الثالثة، وهنا نندمج مع الحياة الطبيعية في محاولة توازن بين متطلّبات الحياة، وفي المرحلة الرابعة يأتي التنبّه للأفكار الجديدة التي وُلدت خلال مرحلة الاضطراب، وفي المرحلة الخامسة تكون نهاية المسار، وهي مجموعة الأفكار التي تكوّنت في أذهاننا بشأن المرض وكيفية ترتيب حياتنا، وهذا يبيّن نسبة الوعي التي حقّقها الفرد والوقاية الصحّية والنفسيّة، وتحقّق الثقافة الاجتماعية بخصوص الوباء، من هنا يقع على عاتق الدول مسؤوليّة وضع أسس لتغيير السلوك على المدى الطويل، وهذا ما نحتاجه في أثناء وضع استراتيجيات طويلة الأجل بمراعاة المعايير الاجتماعية والسلوكية الفردية، ونحن الآن نمرّ بمرحلة حسّاسة فما عادت الناس مهتمّة كثيراً بالوباء وتبعاته؛ لأنّه يؤثر في حياتهم بشكل مباشر خاصة أنّه يسبب الوفاة في بعض الحالات، لهذا نحن في مرحلة مهمّة لكي نعمل بسياسة متكاملة وبخطّة استراتيجية لكي نثبت في عقول الناس الذين نتوجه لهم وفي نفوسهم وأنماط حياتهم بالتغيير المناسب مع الاحتياجات والأطر الزمنية المطلوبة للتغيير.