رياض الزهراء العدد 159 واحة البراءة
نَحُّولٌ وَزَهْرَةُ البَنَفْسَجِ
أشرق الصبح الجميل وبدأت خيوط الشمس الدافئة تمشّط أفنان الغابة، خرج نحّول كعادته يقضي الساعات وهو يتنقّل بين الأزهار، يجمع منها الرحيق، لينتج منه العسل، وفي أثناء تنقّلهِ بين الأزهار جرت بينه وبين زهرة البنفسج محاورة طويلة وجدال حادّ، مفادها أنّ زهرة البنفسج تتعالى وتتكبّر على نحّول وزملائه، بأنّ لها الفضل الأكبر بصناعة العسل فتقول: الفضل كلّهُ يعود إلينا نحن، للأزهار، فلولا الرحيق ما صنع النحل العسل، لكن نحّول قال لها غاضبًا: إنّ الجهد لنا نحن معاشر النحل، نحن مَن نتعب طوال النهار لكي نجمع الرحيق ونحوّلهُ إلى عسل مصفّى، أمّا أنتنّ يا معشر الأزهار كُلّ ما تفعلنهُ أنّكنّ تستيقظن صباحاً وتنشرنَ العطر، أمّا نحن فنبحث طوال النهار، ونعمل بجدّ ونظام، ونأخذ الرحيق ونحوّله عسلاً، وبينما الاثنان يتجادلان مرّت بقربهما فراشة الغابة وسمعت كلامهما، فوقفت تنظر إليهما وتضحك، استغرب نحّول والزهرة من فعل الفراشة، وصارا يسألانها: لمَ تضحكين أيتها الفراشة؟ قالت لهم الفراشة: إنّني أضحك على هذا الجدال؛ لأنّهُ من دون فائدة، فأنّكِ تعلمين يا زهرة البنفسج لولا النحل لما تلاقحت الأزهار وأزهرت، وأنتَ تعلم يا نحّول لولا الأزهار ورحيقها لما كان هنالك عسل، فإنّكما طرفان في هذه الصناعة، فلا تتجادلا من دون فائدة وجدّا بعملكما بدلاً من هذا الجدال، وتصالحا يا أصدقائي وأعملا بحبّ وتفانٍ ولا تكونا متفاخريْن. التفت الاثنان إلى الفراشة، وإلى ما قالته بحقّهما، فوجداها محقّة، وإنّهما قد أخطآ بحقّ صداقتهم؛ لأنّه لولا وجودهما كلاهما لما كان هنالك عسل، وأنّهما يكمّلان بعضهما البعض، ولا يجب أن يتفاخر أحدهما على الآخر، وبهذا عرفنا يا أصدقائي أنّ العمل الجماعي ينجح ويُنتج العسل، ويجب أن لا ننكر جهود الآخرين.