رياض الزهراء العدد 159 من على نهر العلقمي
ذِكْرَياتي في جَنَّتِكَ
أمشي، ويتّسع الشوق في خطواتي الباهتة التي تستنشق ذكراكَ العطريّة، وقداستكَ الفريدة.. وتستنطق تحنانكَ الرويّ.. وأحفرُ دقّات قلبي المتساوية على طريق الوصال.. قالوا لي: أزيحي عن كاهلكِ وعثاء السفر، ثمّ اذهبي إلى الزيارة..! أنَّى لي بذلك! ولا راحة للمحبّ إلّا باكتحال عينيه بلقاء المحبوب؟! سرتُ على حرارة اللهفة بعد تجرّدي ممّا سوى الصعود إلى وصالكَ الذي هو أمنيةٌ عسجديَّةٌ يتوق لها الفؤاد.. الشوق في تصاعد.. وخلايا الروح لهفى للقائكَ، والغرق في لُجَج الحنين والذكريات، والنور الحاني الذي يتخلّل مسامات العالمين.. أبو الفضل(عليه السلام) يفتح لي باباً من الحنان اللامتناهي، يغسلني بالطهر المتلألئ من كفَّين أينعتا زهرًا في يوم عرس الدماء السائلات.. رعاني من دون كفّين!.. بل امتدَّت أغصانٌ مورقةٌ من أطياف الجنّة، تهدهد الطفلة التي تسكنني.. فبسطتُ عنده درانيك مناجاتي، وغرستُ على الأعتاب تذكاراً من دعاءٍ وصلاة.. ثم أخذتني خطواتي اللهفى إليكَ، يا أملي وكلَّ أمنياتي.. التقت عيناي بفردوسكَ المقدّس.. فأخذني نوركَ المضمّخ بالمسك إلى عوالم يوسفيّة العبق.. فيها أرى كلّ كربلاء.. وقِبلة الروح أنتَ.. والحياة أنتَ.. وكلّ تفاصيل الجمال أنتَ، يا من قُتِلتَ لكي نحيا.. أحيِنا من جديد بمعرفتكَ.. بمعرفةٍ خالصةٍ تنبت في قلوبنا سبع سنابل من الكمالات، في كلّ سنبلةٍ مائة حبّة، والله يضاعف لمـَن يشاء.. أسندتُ رأسي إلى جدار المعرفة حيث أراكَ.. مددتُ يدي حتى لامس التحنان أصابعي، فتساقطت عن أطرافها جمانات المشاعر حروفًا مموسقة معجونة بالذكرى المفجعة التي لا تبرد أبدًا.. انسلخت من قيد السطور، واستحالت خارطة تساقط على الروح ذهبًا جنياً.. و(دعاء عرفة) في حضرتكَ اتساع الجنّة في رئتي، تعبق كلماته السامية، وحروفه المضيئة بعطركَ الأبهج..