لَوَاعِجُ المَسَاءِ

زبيدة طارق الكناني/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 310

عند المساء منارتا سامراء تبدوان كتوأمين زيّنتا السماء ليتوارى بنورهما شقاء الظلام ويسدل من شفاه الغيم ستائر السكون والطمأنينة على شهقات البعد وزفرات العناء والقلب يرتجف ويُقبل على وجل، ينثر نبضاته تحت قبّة الكِرام على استحياء بعد أن أضاع من العمر عمراً وحطّم من الحلم دهراً عاد القلب من جديد ينبض مع رحيق الحياة بعد أن ظننّا أنّه غاب عاد يبحث عن دفء الحنين بعد أن مزّقته دموعه الموجعات جاء المساء وليله المفتون بصوت تكبير المآذن وتلألؤ الذهب في القبّة الشمّاء فتترجّل كلّ الحقائق تشقّ العتمة وتهفو الروح في رحاب القداسة لتقيم طقوسها العباديّة وتبوح بما خبّأت من عتاب تنشد الهداية في حضرة الأطهار، تبحث عن مصيرها بعد أن تاهتْ بصيرتها في الطريق ليأتي اليقين الناصع ويترعرع فيشلّ أركان التردّد ويغرب عن المخيّلة شبح الرياء الأسود، ترتقب بلهفة أيام الفرح تأمل أن تُخبر العالَمين عن عشقٍ بريقه في عيون الزاهدين يهمس خافتاً للسامعين بحديث يسكن جوارحنا، يتعهّد على أرضنا أنّنا لن نخوض حديث اللّاهين يخرجنا من الزمن الجديد، والأمل السعيد تعلم أنّ وجودهم كالنور يناغم ذرّاتنا البلورية كالسحر، يأخذ بالألباب لا الريح العاتية تصدّه وفكّ طلاسم حبّهم محال سامراء حين أكتبُ عنكِ تطلّ البراعم من الحروف، وتتدلّى عناقيد الكرز من الكلمات فتُصبح السطور أقماراً مضاءة بذكر العسكريّين(عليهما السلام) سامراء حين أكتبُ إليكِ يُصبح اسمكِ نشيداً وطنياً للطيور والعصافير التي تحطّ على أشجار الحكايات يصبح مرقداكِ ملاذاً للأمانيّ الشاردات، وتهدأ الزلازل في النفوس الحائرة تهدأ براكين الحقد الثائرات، وتعود سُفن الأمان الضائعات فتضاريسكِ يا مدينتي المقدّسة الآن هي المرافئ والمنارات على عتباتكِ زرعنا بذوراً تُنبت رجالاً يُسقطون من جيوبهم الهزيمة في سجودهم ويُعلنون الانتصار عند القيام حين أكتبُ إليكِ يعود كلّ شيء إلى سجيّته الأولى يعود العمر سخيّاً يدنو من حقول الاشتياق تعود كلّ الفصول ربيعيّة، وقطوف الأمل فيها دانية وسواقي الحبّ فيها جارية، تجعلني أطير، وأشقّ طريقي غير مبالية إلى السماء، أقطف منها نجوماً، أنظمها عقداً ألفّه حولي معاذ الله لستُ مزهوّة بنفسي، ولا تستهويني دنيا فانية ولكنّما هي عين الرضا، هي شكر الله على أقداره، على ألطافه، وأياديه الحانية حين أكتبُ تلك الكلمات لكِ هي كلمات أتقوّى بها، هي زادي عندما يحينُ الرحيل إلى الدار الباقية