رياض الزهراء العدد 158 نور الأحكام
كَيفَ نَتَعامَلُ مَعَ الابتِلَاءِ
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)/(الأنعام، الآية: 42). يقول مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام): "ليس من التواء عِرق، ولا نكبة حجر، ولا عثرة قدم، ولا خدش عود، إلّا بذنب ولما يعفو الله أكثر"(1)، من المعلوم أنّ الابتلاء النازل من السماء يتّخذ ألواناً مختلفة، فما كان منه على الكافرين والمنافقين فهو بسبب ذنب عُجلّت عقوبته، وما كان منه على الأولياء والصالحين فتطهير ورفع درجة. فظاهر الابتلاء عقوبة وشدّة ونقص في الأموال والأنفس، ولكنّ باطنه غفران ذنب ورفع درجة، والمؤمن لابدّ من أن ينظر إلى الابتلاء بهذا الميزان، ويتعامل معه على أنّه تُحفة من السماء يتحف بها الله عباده تأديباً وتزكية وتطهيراً لعلّهم يتضرّعون إليه؛ فهذه سنته تعالى في خلقه جرت على الأمم السالفة، وها هي اليوم تجري علينا، قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)/(الروم41)، وهكذا يريد الله تعالى أن يظهر مكنونات الأنفس، وليميز الخبيث من الطيّب، ولتنكشف معادن الناس ليأتي النداء من ربّ السماء: (فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا)/(الشرح:5-6). .............................. 1- شرح أصول الكافي: ج16، ص54.