رياض الزهراء العدد 158 شمس خلف السحاب
إليكَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ
سبل العشق تختلف باختلاف البشر، وتتناثر الأمنيات على العابرين، لكنّ عشقي كان بنحو مختلف عن الآخرين، عشقي كان لحفيد المبعوث رحمة للعالمين، لإمام غاب زماناً طويلاً عن حياة البشرية، فتناساه الكثيرون، إنّه الحجّة بن الحسن العسكريّ(عليه السلام)، إمامنا المهديّ المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) عليه وعلى آبائه أزكى آيات الصلاة والسلام. فإليكَ يا مولاي يا أيّها القائم الذي سيقوم على الظلم بسلاح العدل والقسط، إليكَ أهدي وأقدّم كلّ ولائي، وإيماني واتّباعي وحبّي وفدائي، وأنا التي تتمنّى أن تكون خادمة في دولة عدلكَ فتقبّل قليل كلماتي، وقاصر جُمَلي وعباراتي، التي لا تقدر أن تصف حجم الشوق إليكَ ومدى الأمل والتفكير فيكَ، وحجم الانتظار الذي أخذ وقتي ولُبّي وقلبي. وكيف لا أشتاق إلى رؤيتكَ وأنتظركَ في المنتظرين؟ وأنتَ الذي كان الأئمة ينتظرون دولتكَ وظهوركَ قبل ولادتكَ حتى؟، أنتَ الذي ادُخِرتَ لأخذ ثار الشهيد المظلوم الإمام الحسين(عليه السلام)، أنتَ الذي ستملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن مُلئتْ قتلاً وفساداً وظلماً وجوراً، أنتَ الذي ستَهبُ السكينة والطمأنينة للبشر، وستُزهر الأرض من تحتَ أقدامكَ المباركة، فكيف لا أنذر عمري في خدمتك، وأهبَ روحي لظهور دولتكَ وانتصارها، كيف لا أندبكَ في كلّ صباح ومساء، وفي كلّ شدّة ورخاء، وأنتَ المُؤمّل لإحياء دين رسول الله محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم). فلفرط حبّي لكَ كان ليوم الجمعة ودعاء الندبة مقام خاصّ في قلبي، وكيف لا وأنا أبتغي كلّ سبيل لرضاكَ وذكركَ؟ وحين أقرأ هذه الفقرة من دعاء الندبة: "تُرى أترانا نحفّ بكَ وأنتَ تؤمّ الملأ، وقد ملأت الأرض عدلاً...."، فإنّني أشعر بالألم والأمل، ألم على كلّ ذنب يحزن قلبكَ، وأمل في ظهوركَ والتبرّكَ برؤيتكَ ومحضركَ. فيا صاحب الزمان، يا مولاي مرّ بيدكَ الشريفة على قلبي وهبه السكينة وأبعده عن وساوس الشيطان، وانظر إليّ نظرة رضا ورحمة، وادعو لي عسى أن يشملني الله ببركة دعائكَ فيجعلني من أنصاركَ في الدنيا وأتباعكَ في الآخرة. وهنا أنا يا مولاي أرى نفسي مهما تكلّمتُ ومهما عبّرتُ عن شوقي لكَ لا أجدني إلّا قاصرة مقصّرة عن أداء حقّكَ وإتمام شكركَ وذكركَ، فاقبل يا مولاي قليل نصرتي بكرمكَ، ووفّقني لرفع راية الحقّ ونشر علومكَ، وأن أكون ممّن يمهّدون لكَ في كلّ وقت وحين، فتراني من المؤمنين الصالحين الذين تدّخرهم لدولتكَ.