مَجْمُوعَةٌ خَالِيَةٌ

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 219

بُقَع جغرافية مترامية الأطراف، متعّددة الأشكال، يقطن بها أعداد كبيرة من الناس تربطهم الكثير من الأفكار والأهداف، وكذلك العقائد الموروثات التي تأصّلت في أذهانهم وأصبحت من الثوابت لديهم التي تستحقّ الدفاع عنها بكلّ ما أوتوا من قوّة بحسب اعتقادهم طبعاً، تلك الجماعات هي الأُسر التي يتكوّن منها المجتمع بكلّ ما فيه من تقاليد وعادات متوارثة تخطّ حدود خارطة الحياة لهم، وترسم معالم الأفكار والأهداف وتوجّهات الأفراد فيها. نحاول أن نلقي نظرة عشوائية على بعض هذه الأُسر، فنجد هناك مَن يتخذّ من الزواج طريقاً سوياً صحيحاً لإنشاء اللبنة الأساسية في تكوين هذا المجتمع الذي يحتاج إلى لبنات صالحة، قويّة، ليكون الجدار مرصوصاً قوياً خالياً من أيّ ثغرات يتسلّل منها الخطر إلى نواة المجتمع فيرديه صريعاً، وإنّما يتّخذ من الآية الكريمة قاعدة للانطلاق: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)/(التحريم، الآية: 6)، فيعمل على إيجاد الحصن الحصين لهم ليبعد كلّ أذى ومن ثمّ يحمي المجتمع أيضاً، إذاً هي أسرة قويّة من الداخل والخارج تحتوي على مجموعة منظّمة لديها أهداف واضحة المعالم، وغاية سامية وهي رضا الله(سبحانه وتعالى) فيكون النهج لا غبار عليه ليوصل إلى نتيجة تُرضي الجميع. وفي الطرف الآخر نجد مجموعة أخرى تتمتّع بشكل جميل من الخارج، ينظر إليها الجميع ويتمنّى الوصول إلى هذا الجمال والدقّة والإبداع في الصنع الخارجي بينما كلّما اقتربنا أكثر وأكثر منها نلاحظ التباعد والتنافر بين أفرادها ممّا يجعل هذه المجموعة هشّة من الداخل على الرغم من الظاهر الرائع، فلذلك لا تقوى على صدّ أيّ خطر خارجي، فالأفراد غير متكاتفين، وكلّ مَن فيها يبحث عن احتياجه في خارج المجموعة؛ فيكون من السهل جدّاً على أيّ قنّاص اصطياد الفريسة التي يرغب بها، وهي مثال للمجموعة الخالية، فهناك فعلاً رمز للمجموعة، وهو اسم تلك العائلة الموجودة في ذلك المنزل الجميل ذي الأثاث الثمين الذي يُشترى من أشهر الماركات العالمية، ولكن.. كلّ مَن يستعمله لا يتّصل مع أفراد العائلة، بل الاتصال الدائم هو مع العالم الخارجيّ. المجموعات الخالية هي أكبر خطر يهدّد المجتمع، وتلك هي العوائل المتفكّكة التي يسودها الفراغ العاطفي، فلا انسجام ولا تواصل بين الأفراد، وبهذه الطريقة يتمّ الاستيلاء على هذا المجتمع بأجمعه بأبسط الوسائل وبلا أيّ عناء؛ فليكن الهدف هو بناء شخصية أفراد يشكّلون النواة الأقوى للمجتمع بشكل متراصٍ قوي، يكون رادعاً ضدّ أيّ خطر خارجيّ.