فَالكَسَلُ لِمَاذا؟!

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 162

دعتْ زينب صديقاتها إلى الحضور لمنزلها، فبدأت الأخوات بالتوافد. رحّبت زينب بالضيوف وبدأت بتوزيع الشاي، ثم افتُتح اللقاء بتلاوة من الذكر الحكيم، وتلتها زيارة مختصرة للإمام الرضا(عليه السلام) وأخته السيّدة المعصومة(عليها السلام) بمناسبة ولادتهما. ليلى: لقد حبّذت الأخوات أن يكون الحديث اليوم عن الكسل، وتمّ الاتفاق على أن تبحث كلّ واحدة عن محور؛ لتعمّ الفائدة ويُثرى الموضوع. هدى: بحثتُ عن مفردة الكسل: كَسَلٌ بمعنى فُتُور، تَهَاوُن. وهذه المفردة نسمعها في المدرسة كثيراً، عندما كانت المدرّسات يُلقّبنَ الطالبات غير المجدّات بها. ليلى: ذَكر أهل البيت(عليهم السلام) هذه المفردة أيضاً، ومفهومها أوسع ممّا يتبادر إلى أذهاننا، فكلّ تقاعس عن أمر الدنيا والآخرة فهو كسل، وكسل الدنيا لا يقتصر على الدراسة والعمل فقط؛ بل يشمل غيرهما من الأنشطة. والكسل عن عمل الآخرة كذلك واسع، فهناك كسل عن العبادات، وكسل عن أداء الحقوق، مثل حقّ الله وحقّ الناس. هدى: وأُضيف أنّ الكسل لا يتوقّف عن أداء الواجبات؛ بل يكون في المستحبّات أيضاً. فكم يستغرق تسبيح فاطمة(عليها السلام) من الوقت وهو المعبّر عنه في الأحاديث بالخير الكثير؟! ومع ذلك لا يحرص عليه البعض. فاطمة: لماذا الكسل يا تُرى؟! هل لأنّه لا يوجد مردود ماديّ؟ وهل هناك مبرّر ليتصف الإنسان بهذه الخصلة؟! ليلى: العمل للدنيا له حوافز، والعمل للأخرة له حوافز أيضاً، فالمعطي كريم، والعطاء جزيل، ولا نجد مثل الحوافز الربّانية، فالله يُعطي على العمل القليل ثواباً جزيلاً؛ فلا عين رأت ولا أذن سمعت. فاطمة: إذن الحالة الطبيعية أن يتحمّس الإنسان ويُنجز أكثر؛ ولكن نرى الكسول لا يتحرّك! لا يوجد تفسير منطقي! ليلى: عن الإمام الصادق(عليه السلام): "إن كان الثوابُ مِن الله فالكسل لماذا؟"(1). كم يكسل الإنسان ويتقاعس عن أمور بسيطة لا تكلّف جهداً ولا تأخذ وقتاً، في حين يكون جزاؤها كثيراً، فعن الإمام الصادق(عليه السلام): "مَن كسل عن طهوره وصلاته فليس فيه خير لأمر آخرته، ومَن كسل عمّا يصلح به أمر معيشته فليس فيه خير لأمر دنياه"(2)، فالمكوث على طهارة وإقامة الصلاة لا يكلّف الكثير؛ ولكنّ البعض يعجز عن الإتيان به، والمواظبة عليه. ليلى: عن الإمام الصادق(عليه السلام) :"إيّاكم والكسل، إنّ ربّكم رحيم يشكر القليل، إنّ الرجل ليصلّي الركعتين تطوعا يريد بهما وجه الله عزّ وجلّ فيدخله الله بهما الجنّة"(3). للمقال تتمّة... ....................................... (1) ميزان الحكمة: ج9، ص30. (2) الكافي: ج5، ص126. (3) ميزان الحكمة: ج9، ص31.