(وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)(البقرة: الآية 216)

إيمان صالح الطيّف
عدد المشاهدات : 204

يخطئ العديد من الناس حين يسعون إلى تحقيق هدف ما، وتشاء إرادة الله تعالى ألّا يتمّ تحقيقه على النحو الذي كانوا يرغبون فيه، فيقابلون ذلك بالسخط والشكوى والتذمّر ويتناسون قول الله(سبحانه وتعالى):(وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)/(البقرة، الآية: ٢١6)، تبيّن الآية الكريمة أن لا أثر لكرهكم وحبّكم؛ فأنّهما ربّما يخطئان الواقع؛ لأنّ الإنسان لا يقدر أن يهتدي بنفسه إلى حقيقة الأمر؛ فعلمه محدود والله وحده له العلم المطلق. إنّ علم الله تعالى ورحمته ولطفه بعباده تتجلّى في كلّ أوامره وأحكامه، فيرى ما فيه نجاتهم وسعادتهم، وعلى هذا الأساس يستقبل المؤمنون هذه الأوامر والأحكام برضا ويعدّونها كالأدوية الشافية ويطبّقونها بمنتهى الطاعة، رُوي عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): "حُفّت الجنّة بالمكاره وحُفّت النار بالشهوات"(1). والمكاره هي الأمور التي تكرهها النفس لمشقّتها ولا بدّ للإنسان من أن يتحمّلها، فالجنّة لا تُنال بسهولة؛ بل بالمجاهدة والعمل الصالح. يُروى أنّ أحد الملوك كان له وزير حكيم، وكان الملك يقرّبه منه ويصطحبه معه في كلّ مكان، وكان كلّما أصاب الملك ما يُكدّره قال له الوزير: لعلّه خير؛ فيهدأ الملك. وفي إحدى المرّات قُطِع إصبع الملك فقال له الوزير: لعلّه خير، فغضب الملك وقال: ما الخير في ذلك؟ وأمر بحبس الوزير، فقال الوزير: لعلّه خير. وبعد مدّة طويلة خرج الملك للصيد، وابتعد عن الحرس؛ ليتعقّب فريسته، فمرّ على قوم يعبدون صنماً فقبضوا عليه ليقدّموه قرباناً للصنم، وفجأة انتبه زعيم القبيلة إلى أنّ إصبع الملك مقطوع، فصاح: اللعنة آتية إليكم، فأسرعوا إلى فكّ وثاقه وإبعاده عن القبيلة، فانطلق الملك فرحاً بعد أن أنقذه الله من الذبح، وأوّل ما أمر به فور وصوله إلى القصر إخراج الوزير من السجن، واعتذر منه عمّا صنعه معه وقال إنّه أدرك الآن الخير في قطع إصبعه، وحمد الله تعالى، ولكنّه سأل الوزير: عندما أمرتُ بسجنكَ قلت: لعلّه خير، فما الخير في ذلك؟ فأجاب الوزير بأنّه لو لم يُسجن لصاحَبَه في الصيد، فكان سيقدّم هو قرباناً بدلاً من الملك. إذاً لا مكان في الوجود للمصادفة العمياء، فكلّ ما يحصل هو بإرادة الله تعالى وحكمته. قال تعالى:(فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)/(النساء، الآية: ١٩). فلنتحلَّ بالصبر والحلم وسعة الأفق، ونتذكّر دائماً أنّ من لطف الله بعباده أنّه يقدّر لهم أنواع المصائب والمِحن رحمة بهم وسوقاً لهم إلى الكمال. ............................................ ١- شرح أصول الكافي: ج12، ص445. أجوبة موضوع: (اعرف الحقّ تعرف أهله): ج1/ قال تعالى: (فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)/(يونس، الآية: ٣٢ وآيات أخرى الأنعام، الآية: ٦٢، الحج، الآية: ٦ و٦٢، المؤمنون، الآية: ١١٦). ج2/ أكثر الناس للحقّ كارهون لأنّه يخالف أهواءهم وشهواتهم. الأسئلة: س1/ما الفرق بين (كُره) بضمّ الكاف و( كَره) بفتح الكاف؟ س2/ رُوي عن الإمام علي بن الحسين(عليه السلام): "من اتّكل على حسن الاختيار من الله تعالى له ........." أكملي الحديث الشريف؟