رَيْحَانَةٌ لَا قَهْرَمَانَةٌ

صفيّة جبّار الجيزانيّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 230

رأيتها شاحبة الوجه، ذابلة العينين، محدودبة الظهر، فسألتها عن حالها. - فأجابتني: يا صديقتي لا تنفخي في نار بركاني ولا تهيّجي مرارة أحزاني. - هلّا أفصحتِ عمّا في قلبكِ من شجىً وعمّا في نفسكِ من هموم؟ - أجابت بصوت متهدل حزين كأنّما صُنِع من أسىً: إنّه يؤذيني بكلماته القاسية، يعاملني كجارية، يضربني بلا رحمة، لا يهتمّ بمشاعري، إنّه زوجي، ما أقسى قلبه... مشهد من مئات المشاهد التي تتكرّر في كثير من الأُسر، المعاملة السيئة من قِبل بعض الأزواج لزوجاتهم بينما نجد ديننا الحنيف قد رفع من شأن المرأة وكرّمها أحسن تكريم، ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أنّه نهى الزوج عن أن يضرب زوجته بلا مسوّغ مثلما أمره بحسن معاشرتها. وقد جسّد لنا رسول الرحمة(صلى الله عليه وآله وسلم) أروع الصور في حسن المعاشرة، ولم ينقل لنا التاريخ عنه ولو مرّة واحدة بأنّه أساء لإحدى نسائه أو نساء المؤمنين، وقصّة دفن الصحابي الجليل سعد بن معاذ والإخبار عن أنّه تعرّض لضغطة القبر لهي خير وسيلة إيضاحية لكون سوء الخلق مع الزوجة يؤدّي بالرجل إلى عذاب الله وإن كان من المجاهدين كسعد بن معاذ، حيث قال(صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ للقبر ضغطة، ولو كان أحد ناجيًا منها، لنجا منها سعد بن معاذ"(1)، لذا أمر الإسلام بحسن معاشرة الزوجة وأيّ تعامل غير هذا هو خارج عن حدود ما أمر الله به. عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): "أيّ رجل لطم امرأته لطمة، أمر الله عزّ وجلّ مالكاً خازن النار فيلطمه على حرّ وجهه سبعين لطمة في نار جهنّم"(2). وعنه أيضاً (صلى الله عليه وآله وسلم): "أخبرني أخي جبرئيل ولم يزل يوصيني بالنساء حتى ظننتُ أنّه لا يحلّ لزوجها أن يقول لها أفٍّ، يا محمد اتقوا الله عزّ وجلّ في النساء فأنهنّ عوان بين أيديكم"(3). ومن هنا نعلم أنّ كلّ مَن يمارس العنف بحقّ زوجته فهو خارج عن دائرة الإيمان لأنّها أمانة عند الرجل، وسوء تعامله معها هو خيانة لهذه الأمانة التي أمر الله تعالى بحفظها، وأخيراً نقول: زوجتكَ ريحانة وليست قهرمانة، فأحسن صحبتها وراعِ الله فيها فإنّها أمّ أبنائكَ. ..................................... 1- مجمع الزوائد: ج3، ص46. 2- مستدرك الوسائل: ج14، ص250. 3- مستدرك الوسائل: ج14، ص252.