رياض الزهراء العدد 158 لحياة أفضل
كُونِي حُرَّةً لا مُتَحَرِّرَةً
ماذا تعني حرية المرأة؟ وهل لحرية المرأة حدود أو قوانين؟ وكيف تكون حرية المرأة؟ وهل أعطى الإسلام حرية للمرأة؟ أسئلة تتردّد في اليوم آلاف المرّات عبر منصّات التواصل الاجتماعي، ومنظّمات المجتمع المدنيّ والمنظّمات المدافعة عن حقوق المرأة، وكلّاً يفسّر بحسب منظوره وتوقعاته ومعتقداته.. يُتّهم الدين الإسلامي بأنّه بخس المرأة حقوقها، ولم يعطها حرّيتها الكافية لممارسة حياتها الطبيعية، والهدف من التركيز على هذا الاتهام هو تشكيك المرأة المسلمة بالمكانة التي وضعها فيها الإسلام، ولغرض نشر أفكار شاذة عن المجتمع الإسلامي، ومن المؤسف وجود قسم من النساء المسلمات ذهبن خلف هذا الرأي بصورة مبالغ بها؛ فوقعن في مصيدة المطالبة بالتحرّر بدلاً من نيل الحرية، فهنالك فرق كبير بين التحرّر والحرّية، فالحرّية هي التخلّص من دائرة قيود المعتقدات الخاطئة، والوقوف أمام كلّ الأفكار والأقوال التي تحدّ من تطوير المرأة في بناء شخصيّتها ومستقبلها وكيانها. أمّا التحرر فهو الخروج من دائرة الحرية إلى طريق لا عودة منه، وهو الميل عن طريق الحقّ والمطالبة بأمور بعيدة كلّ البعد عن الحرّية. وقد أصيبت بعض النساء بهوس المطالبة بالحقوق والحريّة ووصل الهوس بهنّ إلى المطالبة بأمور تُفقدهنّ حريتهنّ وتقيّدهنّ أكثر من دون شعور، وذلك لكونهنّ يطالبن بحريتهنّ من دون معرفة معنى الحريّة بالصورة الصحيحة، فيقعنَ في فخّ عبودية التحرّر. إنّ معنى الحرية للمرأة هو أن يكون لها شخصيتها المستقلّة في المجتمع، وأن تعيش حياة كريمة، وتختار حياتها وشريك حياتها بنفسها من دون أيّة ضغوط، وأن يكون لها دورها الفعّال في المجتمع سواء في البيت أو في العمل، وتكمل تعليمها وتحظى باحترام الجميع، ولكن هذا كلّه يكون وفق قوانين يجب أن تطبّق، فكلّما كانت هذه الحرية مُصانة، ومضمونة، كان عطاء المرأة أكبر، وازدهارها في المجتمعات أعظم. وهذا ما دعا إليه الدين الاسلامي الذي أعطى مكانة كبيرة للمرأة وتوّجها بمميزات كثيرة، من أهمّ تلك المميّزات إعطاؤها مكانة ولادة مجتمع كامل وتربية هذا المجتمع، فهي أساس المجتمع، وهذه الخاصية هي من تتمتّع بها فقط، فهل من المعقول أن يحدّ من حرية مَن هي أساس المجتمع! يرى الدين الإسلامي أنّ للمرأة كيانها وشخصيتها، وحفّز المرأة المسلمة على طلب العلم والتثقيف لتنشئة أجيال مثقّفين وواعين، وخير دليل على ذلك عقيلة بني هاشم السيّدة زينب(عليها السلام) أول إعلامية في الاسلام، فقد وقفت في مجلس يزيد -عليه اللعنة- وخطبت خطبتها المعروفة التي أذهلت عقول الناس وهي بكامل حجابها وحشمتها، إضافة إلى ذلك كانت (عليها السلام) العنصر الأساسيّ في نشر قضيّة الإمام الحسين(عليها السلام) في واقعة الطفّ إلى يومنا هذا، وكيف لا تكون هكذا ووالدتها فاطمة الزهراء(عليها السلام) التي وقفت بوجه مَن اغتصب حقّها في فدك، وخطبت خطبتها المعروفة. هذه صورة الحريّة التي يريدها الإسلام للمرأة: أن تكون نموذجاً للعفّة والحياء وهي تمارس حقوقها وحريتها، يريد الدين الإسلامي امرأة تجعل من حبّ الله والتمسّك بتعاليمه أهدافاً رئيسية ومركزية في خطّتها الإنسانيّة لتربية الأجيال، وبخلاف ذلك سيكون دورها سلبياً، وستتعرقل أو تتشوه أو تحيد عن هدفها، وستجد صعوبة في تكملة مشوارها ونيل حقوقها. عزيزتي إن كنتِ تودّين أن تكوني حرّة؛ فعليكِ بالعفّة والحجاب والصلاة في أوقاتها والتمسّك بدينكِ وأخلاقكِ ومبادئكِ؛ فهذه هي الحرّية، وهذا هو الفوز في الدنيا والآخرة.