رياض الزهراء العدد 158 الحشد المقدس
حَشْدٌ وَأَمَلٌ
لم يعد حديث ليلهم تلك الرصاصة.. ولم تعد فقط مناصل بأسهم تلك السهام التي تترصّد صدر العدوّ.. لقد انكشف لهم اليوم وجه أجمل من ذلك الذي يغطّيه دخان الحروب وجه يقف بوجه عدوّ آخر أشدّ خطراً من ذلك المدجّج بالسلاح؛ إنّه عدوّ غير مرئي يتربّص بكلّ الأبواب وينشر جحافل غدره أمام كلّ العيون، لا يعي كمّية الاستثناء الخاصّة بأحد.. لكنّهم يُدركون جيداً كيف ينحرون خطره بكفوف رحمتهم التي تجوب الشوارع والأزقّة لتحمي الناس من حربه الضروس.. إنّهم جند الله: الحشد المقدّس توسّدوا بساط الموت مجددًا؛ ولكن هذه المرّة لمعركة أخرى فريدة من نوعها.. تبدّلت البندقية بتبدّل الحرب؛ فصارت كمّية الذخيرة سلّة غذاء توزّع في أزقّة المحرومين وبعض الفقراء الذين حرمهم حظر التجوّل من الخروج فباتوا رهن المنازل.. فخيّم أمان تلك الفئة التي نذرت عمرها لله وللعطاء لأن تكون في خطّ المواجهة الأوّل.. بعد أن بزغ قمر إيمانهم لينير عتمة البائسين، ويزيل احتلال الألم عن جباه المتعبين مثلما كان عهدهم بإزالة المحتلّ من الأرض؛ لأنّهم يفقهون لغة الحبّ بكلّ معانيها، يعشقون صوت الخير حين يُؤذّن له الحقّ من منائر الوجود.. هكذا هم أبناء القداسة في حشد الإيمان.. يرمّمون فجوات الدرب بأكاليل النصر من كلّ جهة.. فكُنْ على أمن واطمئنان؛ فلن تهزمكَ قوّة خفيّة وفي مقدمة وطنكَ وسام لأكتاف تربّت من صلابة النخيل على الشموخ والكرم.. لن تختفي من وجنات الصبح بسمة الأطفال، ولن تبارح محاريب الدعاء كفوف الأمّهات.. ولن يُغلق باب الأمل ورجال الغدّ يطرّزون الوقت بفضائل الروح، ويشربون من معين الأسى لتكون الحياة دائماً جميلة في عيوننا..