العِلمُ حَياةُ القُلوبِ ونُورُ الأَبصَارِ
الحمد لله، إنّنا لم نتأخّر، صحيح؟ قالت زينب وهي تُمسك بيد فتاة بدا عليها الحياء والارتباك: أعرّفكم على (هدى) زميلتنا في المدرسة. هدى : السلام عليكم. ردّ الجميع السلام مع ابتسامات لطيفة خفّفت التوتر البادي على وجه هدى. أمّ علي: تفضّلي يا بنتي بالجلوس. زهراء: ما رأيكنّ أيّتها الثلّة الطيبة بقرار هدى، أنّها تريد ترك الدراسة! زينب: لقد تعبنا من محاولة ثنيها عن قرارها. قالت أمّ زهراء - موجهةً كلامها لهدى-: ما سبب قراركِ حبيبتي؟ إنّ أيام الدراسة من أجمل أيام العمر. هدى: ماذا أفعل بالدراسة؟ أمّ حسين (باستغراب): ماذا تفعلين بالدراسة؟ الدراسة هي نافذة إلى العلم والمعرفة. أمّ زهراء: "إنّ العلم حياة القلوب، ونور الأبصار من العمى، وقوة الأبدان من الضعف"، مثلما قال الإمام عليّ(عليه السلام)(1). أمّ عليّ: والقرآن الكريم يحثّنا على طلب العلم، مثلما يُثني على العالم والمتعلّمين حيث يقول تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)/(المجادلة، الآية:11). أمّ حسين: كلّ مجالات الحياة متقوّمة بالعلم؛ فالعلم يجعل الفرد عضواً فعّالاً مفيداً في مجتمعه. أمّ زهراء: نعم يا حبيبتي حتى الفطرة السليمة تحتاج إلى العلم كي تسير بالاتّجاه الصحيح. أمّ حسين: فمثلاً الأمّ هي أساس بناء الأسرة، وهي بلا شكّ نبع الحبّ والتضحية، بفطرتها تحبّ أسرتها وترعاها وتضحي من أجلها؛ ولكي تؤدّي دورها بشكل صحيح يجب أن تتسلّح بالعلم والمعرفة. أمّ جعفر: بالعلم تتمكّن الأمّ من استيعاب أطفالها في مراحل أعمارهم المختلفة. أمّ زهراء: مثلما أنّها تكون قادرة على حمايتهم من الأفكار المنحرفة ومَنحهم حصانة عاطفية. أمّ عليّ: وهكذا بالنسبة إلى باقي أفراد المجتمع؛ فبالعلم تتقدّم الأمم وتكون قويّة منيعة بوجه الأعداء. أمّ حسين: يقول النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): "باب من العلم تتعلّمه أحبّ إلينا من ألف ركعة تطوّعاً"(2). هدى: يا الله! أمّ جعفر: تدبّرنَ معي قول الإمام علي(عليه السلام): "إنّ الله سبحانه يمنح المال لمَن يُحبّ ويُبغض، ولا يمنح العلم إلّا لمَن أحبّ"(3). هدى: ألا يمكنني أن أطلب العلم خارج نطاق المدرسة، فأنا لا أريد الوظيفة؟ أمّ علي: بالطبع يمكنكِ ذلك، فالمسألة ليست طلب وظيفة؛ بل المدرسة تضع لكِ منهاجاً علمياً فيه المبادئ الأساسية لبقية العلوم. أمّ حسين: بما أنّنا الآن نعيش في مرحلة غيبة إمامنا المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي سيُقيم العدل وينشر الحبّ والرخاء يجب علينا تهيئة أنفسنا؛ فلعلّنا نتشرّف بخدمته ونصرته. زينب: يا إلهي ما أعظمه من شرف! أمّ زهراء: دولة العدل الإلهيّ تحتاج إلى مؤمنين متسلّحين بالأخلاق الفاضلة والعلم النافع. زهراء: أمّي هل يمكن لنا أن نكون من أنصار مولانا الإمام المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟ قالت زهراء بشوق وأمل. أمّ زهراء: إن شاء الله يا حبيبتي، إذا ما عشنا الانتظار الإيجابيّ. أمّ حسين: بأن نتعلّم ونعمل بكلّ ما فيه إصلاح ونفع للمجتمع. أمّ عليّ: وبذلك نكون قد أدخلنا السرور على قلب إمامنا المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فهذا حقّه علينا إنّه منقذنا ومخلّصنا من الفتن والأهواء. هدى: سأواصل الدراسة وأثابر لأنال شرف نصرة الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) إن شاء الله. أمّ حسين: بوركتِ، جعلنا الله جميعاً من الناصرين للمؤمّل الموعود. ....................................................... 1- ميزان الحكمة: ج3، ص359. 2- بحار الأنوار: ج1، ص106. 3- غُرر الحِكَم: ج1، ص1.