رياض الزهراء العدد 158 منكم وإليكم
ثَامِنُ الحُجَجِ
يومَ الجُمعة، الحادي عشر من ذي القعدة الحرام، في عام مئة وثمانية وأربعين من الهجرة النبويّة المباركة، كنتُ أمشي في أزقّة المدينة فمررتُ ببيت علا منه نور أضاء الأكوان، وفاحت منه رائحة الجنّة، تُرى ما هذا النور! ما لذي يحدث هنا! هل دخلتُ الجنّة؟ كانت تدور في رأسي تساؤلات عديدة، وقفتُ قليلاً قرب الباب فرأيتُ الناس تأتي باتجاهي، سألت أحدهم: ما الخطب يا أخي؟ ماذا هناك؟ لماذا تركضون هكذا؟ فقال: ألا تعلم ما لذي حدث؟ فقلتُ: لا واللّـه لا أعلم، وبينما أحاول أن أفهم منه ما الذي يجري، خرج من المنزل رجل لم أرَ له مثيلاً من قبل، ولم أكد أرى شيئاً من شدة نوره، وكانت رائحته تشبه الرائحة التي فاحت عندما مررت بجانب البيت، فأخذتني هيبته، وأمعنتُ النظر جيداً، فرأيته يحمل بيده طفلاً رضيعاً، كان يُخبئه تحت ردائه، وما إن رفع الطفل قليلاً حتى شعّ منه نور يعمي الأبصار، فرأيتُ مَن حولي فرحين مستبشرين وهم يهلّلون اللّه ويحمدونه، ويباركون للرجل. وقفتُ لوهلة وقلتُ له: السلام عليكم يا سيّدي، ردّ عليّ السلام، فسكَتَ كلّ شيء من حوله عندما تكلّم، لم أكن أعلم ماذا يحدث؛ لكن كنتُ على يقين بأنّه شخصٌ عظيم جدّاً، فبادرتُ بسؤاله وقلتُ: مَن أنتَ يا سيّدي ومَن هذا الطفل؟ فقال: أنا موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام)، وهذا ابني عليّ الرضا، لقد وُلِد الساعة، شعرتُ بالدمع ينهمل على خدّي ولا أعلم هل هي دموع الفرح التي يتحدّثون عنها أم أنّها تجري من شدّة هيبتهم؟! لم أعلم كيف أفسّر ما يحدث؛ لكن جلّ ما أعرفه هو أنّني الآن أقفُ بقرب خيرة خلق الله، سيّدي ومولاي الإمام الكاظم(عليه السلام)، وقفتُ قليلاً وقلتُ شكراً لكَ يا إلهي، لقد كنتُ أتمنّى أن أحظى بفرصة لتقبيل أعتابه الطاهرة، وها أنا اليوم أقف بالقرب منه، وعند بابه، وشهدتُ ولادة الإمام السلطان الرضا، ثامن الحجج الأطهار(عليهم السلام).