رياض الزهراء العدد 79 نافذة على المجتمع
بيَدٍ واحدةٍ... نَسعَى للتّقلِيلِ مِن ظَاهِرَةِ الفَقْر
ظاهرة الفقر من الظواهر الأزلية المؤلمة في المجتمع، ويحاول الكثيرون الحدّ من هذه الظاهرة والبحث في أسبابها، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب(عليها السلام) في الفقر: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"(1)، وكثيراً ما نتساءل لماذا ينتشر الفقر مع وجود الكثير من أصحاب الثروة والنفوذ، وما هو دور الجهات المسؤولة والمختصة للحدّ من هذه الظاهرة وتقليلها، فالفقر أصبح وباءً يشكو منه الكثير من المجتمعات، ولا يُصاب به الذكور دون الإناث، والشيوخ دون الأطفال، فقد شمل جميع الفئات، لكن يبقى هناك أمل ولو كان ضئيلاً يضيء القلوب الحزينة ليرسم على وجوهها ابتسامة ولو كانت باهتة، فهناك أبواب فتحت لهم باب الأمل، ومن ضمن هذه الأبواب هو قسم الرعاية الاجتماعية التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في محافظة كربلاء المقدسة وهي دائرة تنفيذية يقدّم عن طريقها الفقراء المستحقون لينالوا حقوقهم، وللإلمام أكثر بجوانب الدائرة التقينا بمديرها السيد أحمد أسود حمود الذي تعاون معنا وأجاب على أسئلتنا مشكوراً، وفي البداية أعطانا نبذة عن القسم: أُسّس قسم الرعاية الاجتماعية سنة 1980م، ولم يكن يشمل جميع الفئات المستحقة، ولكن بعد سقوط النظام صدر قانون جديد وهو شبكة الحماية الاجتماعية التي شملت جهات مستحقة بصورة أوسع للحدّ من ظاهرة الفقر المنتشر بسبب الحروب والأمراض والأوبئة، وأعداد المشمولين بهذا القانون في تزايد مستمر، ويبلغ عددهم الآن 19500 مستفيد من الرجال والنساء وعائلاتهم. ما هي الفئات المستفيدة المشمولة بالقانون؟ الفئات المشمولة هي: 1. العاطل عن العمل: وهو كلّ شخص متزوج عاطل عن العمل لا يملك مورداً مادياً. 2. العاجز ويشمل صنفين: الأول، وهو الشخص الذي أكمل 65 سنة من عمره وتُشمل هذه الفئة دون إحالتها إلى لجنة طبية، والصنف الثاني: المريض أو العاجز الذي أكمل 15 سنة من العمل ولم يتعدَ عمره 65 سنة. 3. المشلول شللاً رباعياً ومكفوفو البصر، وهؤلاء لا يُحدّدون بعمر معيّن. 4. يتيم الأبوين البالغ ولم يبلغ من العمر 18 سنة والتعديل الجديد في القانون يشمل الطالب الذكر إلى أن يتخرج والأنثى إلى أن تتزوج. 5. الطالب المتزوج المستمر بالدراسة، وحُصص هذه الفئة متوقفة حالياً؛ لاستحقاق بقية الفئات بصورة أكبر. شمل القانون فئة العاطل عن العمل، فهل يعد ذلك تشجيعاً له في عدم سعيه للبحث عن العمل؟ حاجة الوزارة إلى كوادر من العمال يلجؤون إلى قسم العمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ليجدون للعاطل عن العمل فرصة كي يعمل، وحينها يُلغى شموله بالرعاية لكن هذه الفرص تكون قليلة؛ لأن كثيراً من المشاريع يتفق بها مع شركات أجنبية تجلب العمال الأجانب معها، ولكن بحسب القانون الجديد ستحول هذه الفئة إلى قسم العمل والقروض الميسّرة لتوفير فرص عمل لهم. على أيّ أساس يُعرف الأشخاص المستحقون من غيرهم؟ عن طريق اللجان الفرعية الموجودة في كلّ محافظة، فعن طريقها يقدّم المواطن طلباً يحتوي على بياناته الخاصة وموقعة من قبل المختار والمجلس البلدي، وتوجد في محافظة كربلاء خمس لجان موزّعة على مناطق متعددة، وهي: لجنة المركز وتوجد داخل القسم، ولجنة في قضاء الهندية، وفي قضاء عين التمر، وفي ناحية الحر، وفي ناحية الحسينية، ووُزّعت هذه اللجان لتقديم التسهيلات للمواطن، فقد يُرفض أو يقبل الطلب بحسب استحقاق الشخص المتقدّم، وهناك أيضاً لجنة عليا لشبكة الحماية لها دور أساسي في معرفة استحقاق الشخص المتقدّم، تتكون من النائب الأول للمحافظ وممثل قانوني للمحافظة، وممثل عن مجلس المحافظة، ومدير قسم الرعاية، ومحاسب وباحث اجتماعي، ويقوم الأخير بعمل زيارة ميدانية لمحل إقامة الشخص المتقدّم من دون علمه، ليقدّم تقريراً عن حالته موثّقاً معه صورة فوتوغرافية ويتمّ رفض الطلب إن كان للمتقدّم مورد مادي مستقل، وأمّا بالنسبة للشخص المعوّق فيُعرض على لجنة طبية، وحين ثبوت استحقاق الشخص يُعطى وصلاً لضمان حقّه ووقت المراجعة لإكمال الإجراءات القانونية لاستلام مستحقاته. هل تعملون كشفاً دورياً للمشمولين لديكم؟ بين مدة وأخرى نقوم بإرسال حملات مستمرة مؤلّفة من الباحثين الاجتماعيين، لكن تواجهنا بعض المعوقات في عدد الباحثين الذين يعملون في الدائرة، فلا يكفي عددهم في عمل كشف ميداني لجميع المشمولين لدينا؛ لأن عددهم كما ذكرنا كبير ومناطقهم متباينة تشمل مركز المدينة وبقية النواحي والأقضية للمحافظة، وكذلك لدينا عجز في عدد السيارات المخصصة للدائرة فهي لا تغطي جميع الاحتياجات. كثيراً ما نسمع أنّ العديد من الأشخاص غير المستحقين مشمولون لديكم، وعن طريق حديثكم علمنا أنّ كلّ شخص متقدّم يخضع لإجراءات عديدة تُثبت وضعه المعاشي البسيط، ما مدى صحة هذه الأقاويل؟ إنّ شعبة البحث الاجتماعي حديثة العهد، حيث تفعّلت في نهاية سنة 2012م بسبب الوضع الأمني وخاصةً في العديد من المحافظات التي ينتشر فيها الإرهاب، والتي لا تتوافر فيها هذه الشعبة، وحتى نحن بصفتنا نعيش في محافظة وضعها الأمني جيد إلّا أننا قد نتعرض للتهديد من قبل المتقدمين غير المستحقين الذين ثبت ذلك عليهم، أمّا بالنسبة لما ينتشر في الشارع الكربلائي من وجود أشخاص غير مستحقين يستلمون رواتب من دائرتنا، فنرجو ونطلب من الذين يعلمون بوجود أشخاص كهؤلاء أن يقوموا بالتبليغ عنهم لنتخذ الإجراءات اللازمة من جانبنا بحقّهم. نجد الكثير من الفقراء والمتسوّلين في الشارع، أليس من واجبكم البحث عنهم لشمولهم بقانون الرعاية الاجتماعية؟ نحن نقوم باستهداف الأسر الفقيرة عن طريق شعبة الباحثين الاجتماعيين تحت تسمية (استهداف الفقراء) ونأخذ عناوينهم ونقوم بزيارة مناطق سكنهم وبالفعل شملنا العديد من الأسر الفقيرة عند توافر الشروط القانونية، وشمولهم يعتمد على مكان صدور البطاقة التموينية، فنحن ملزمون بمحافظة كربلاء المقدسة، وإن كانوا ينتمون إلى غير محافظة، فبحسب القانون لا يُشملون في قسمنا، وكذلك المتقدّمون منهم نعمل لهم تسهيلات في رفع بياناتهم إلى محافظاتهم التي ينتمون إليها. ألا تجدون أنّ الرواتب التي تقدّم لا تكاد تسدّ حاجة الإنسان البسيط، وهل سعيتم في إيجاد الحلول لذلك؟ نحن نؤكد على هذا الأمر عن طريق شكاوى المواطنين التي نقدّمها إلى الجهات المعنية، وإن شاء الله سيتم زيادة الرواتب بحسب القانون الجديد لهذه السنة، وأكدنا على زيادة الحصص المخصصة للدائرة لشمول أكبر عدد من الناس المحتاجين وخاصةً الذين هم ما دون سنّ الخامسة عشرة. ما هي معوّقات عملكم؟ نحن نناشد كلّ مواطن عن طريق منبركم؛ لأن بعض الناس لا يوصلون لنا المعلومة الصحيحة، ويقومون بإخفاء المستمسكات والأوليات التي تخصّهم تحايلاً على القانون ظنّاً منهم أن هذه الرواتب هي حقّ كلّ مواطن في الدولة، لكن هذه الحقوق تُقدّم للمحتاجين بالفعل، ونطلب من بقية الوزارات أن تتعاون معنا بصورة أكبر في إرسال أسماء الموظفين الذين لَحقوا مؤخراً بوزاراتهم لنستبعد الأشخاص المشمولين في دائرة الرعاية ونعمل على توقيف راتبهم، وأؤكد طلبي من الناس الذين يعلمون بوجود مخالفين ومتجاوزين يستلمون مستحقات هي ليست من حقّهم أن يقوموا بتبليغنا، وتكون شخصياتهم في طيّ السرية والكتمان، فحينما تُشمل الفئات غير المستحقة ستُحرم الفئات المستحقة الأُخر لمحدودية الحصص المقدّمة. كلمة أخيرة نحن نشكر تعاونكم وقدومكم إلى دائرة الرعاية الاجتماعية ونسعى بكلّ جهودنا إلى تقديم الأفضل والأحسن في مساعدة الأشخاص المستحقين. ولمعرفة رأي الدين في مسألة الأشخاص الذين يستلمون رواتب ومستحقات هي ليست من حقّهم التقينا بالأخت العلوية أم نور/ التوجيه الديني النسوي/ العتبة العباسية المقدسة، فتحدثت قائلة: إنّ الكذب هو من المحرمات في الشريعة المحمدية، ومن المؤسف أصبح ذريعة للكثيرين في الوصول إلى بعض المآرب، ناسين أو متناسين أنّ ذلك يُعدّ من الكبائر التي يُعاقَب عليها الإنسان في الدين، وله من عذاب الآخرة نصيبٌ آخر، وإذا كان آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) لا يجوّز مخالفة الإشارة الضوئية للمرور فكيف بالأمور المادية التي هي من حقّ الآخرين الذين لا يملكون قوت يومهم ومن ثمّ يجب على الأشخاص غير المستحقين إرجاع كلّ هذه المبالغ إلى الجهة المسؤولة أو إلى الحاكم الشرعي. ................................ (1) منهج الإمام علي (عليه السلام) في القضاء، ج4، ص5.